الثلاثاء، 29 يوليو 2014

العيد السعيد والتواصل الاجتماعي



العيد السعيد والتواصل الاجتماعي



قالوا في معنى العيد أنه ما يعود من هَمّ أو مرض أو شوق أو غيره ، وكل
يوم يحتفل فيه بذكرى كريمة أو حبيبة (1).
وقيل العيد من العود والرجوع والتكرار ومنه أخذت عيادة المريض ، وقيل
أيضا في معناه ما يعود على المتعبد من خلاله من الدرجات والحسنات وثواب
آخروي ومعنوي كفرحة الصائم بعد صيامه في شهر رمضان والحاج بعد انتهائه من
حجه.
وقد ورد ذكر العيد في القرآن الكريم والحديث الشريف ، من ذلك قوله تعالى
( قال اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا
وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين)(2). وإن كان باختلاف يسير في
المعنى.
وفي حديث عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال في بعض الأعياد (
إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو
عيد)(3).
ويقول أبو الطيب المتنبي في العيد :-
عيد بأية حال عدت يا عيد ..... بما مضى أم بأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم ..... فليت دونك بيدا دونهم بيد (4).
ومن الأقوال في العيد قول الشاعرة مريم العموري (5):-
فهل يا صاح تذكره أذا ما غاب ذكراه
بلى يا عيد أنت الخير فكيف العيد أنساه
وبعد هذا الاستعراض للمعنى والأقوال دعونا نثير نقطة مهمة في الجانب
الاجتماعي للعيد ألا وهي مسألة التواصل الاجتماعي وكيف هو بالأمس وكيف
أصبح اليوم.
فكما هو معلوم وواضح ومعاش أن وضع الفرحة بالعيد والتواصل من أجلها قد
تغير إلى الأسوأ إذا ما قسنا بينهما ( أي بين الماضي والحاضر) ويرجع ذلك
إلى عدة أسباب أستطيع أن أختزلها في نقطتين ، وهما :-
أ – التمدن :- فأهل المدن ولا شك أقل تواصلا من أهل القرى ربما بسبب طول
المسافات بين المدن والمحافظات وبين الحي والحي الآخر في المدن وأن كان
ذلك سببا غير كافٍ حتى تكون القطيعة أو شيء منها في مثل هذه المناسبات
الاسلامية الهامة في التواصل بين العائلات بل حتى الاصدقاء وأهل التعارف.
ب- التكنلوجيا والتقنية :- على الرغم من كون التكنلوجيا عامل مهم جدا في
تطور وتقدم معارف الانسان وعلومه إلا أنها تعتبر من العوامل التي أدت إلى
ضعف الجانب العملي في العلاقات والتواصل بين الناس حيث أكتفى الكثير منهم
بالبرامج التي استحدثتها هذه التقنيات في التواصل وترك الزيارة العملية
للأسف حتى أن البعض أهمل زيارة أقرب الناس له في الاعياد وغيرها ، فإذا
سألته لماذا ، قال يكفي (( الواتساب )) و(( السكاي بي )).. وغيرها من
البرامج.
وهذا طبعا غير صحيح فلربما احتاجك أقاربك أو احتاجوا لزيارتك ( الوالدين
مثلا) ماديا أو معنويا ولكن الحياء يمنعهم ولن تعرف ذلك ألا من خلال
زيارة مباشرة تطلع فيها على أوضاعهم وأحوالهم ومن المفترض لا نكتفِ
برسائل على مثل هذه البرامج أو غيرها سواء معهم او مع غيرهم من الأهل
والأقارب والأصدقاء ، فالزيارة في العيد تكون أمكن للفرحة والبهجة والصلة
بينك وبين أقاربك .
وأخيرا نسأل المولى الكريم أن تكون أيامنا كلها أعيادا وأن يحفظ أمتنا من
الأخطار والمحن أنه لما يشاء قدير.





(1) – المعجم الوسيط ، ج2 ص 659 – مجمع اللغة العربية بالقاهرة – ط، 1.
(2)-  سورة المائدة ، آية : 114.
(3)- النجفي ، الشيخ هادي – موسوعة أحاديث أهل البيت( عليهم السلام) ، ج
7 ص 359- ط1 ، 1423هـ - دار إحياء التراث ، بيروت \ لبنان.
(4) – ديوان المتنبي ص 393- شرحه وضبطه وقدم له ، علي العسيلي – ط1 ،
1417هـ - مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، بيروت \ لبنان.
(5)- شاعرة من فلسطين.




                         محمد محمد المبارك

الأربعاء، 16 يوليو 2014

آثار الصوم


التأثيرات النفسية.. للصيام


أبحاث كثيرة تشير إلى تحسن عدد كبير من الأمراض النفسية


 د. عبد الحفيظ يحيى خوجة 


للصيام أثر سيكولوجي على النفس يضفي إحساسا روحانيا على الصائم إضافة إلى التأثيرات الفسيولوجية العضوية له على الجسم البشري. وهناك معتقدات خاطئة عن المرض النفسي والدواء في رمضان تحتاج إلى تصحيح.

وقد أثبت العلم أن الصيام يساعد الجسم على إزالة الرواسب والتخلص من الفضلات المتراكمة من تناول مختلف الأطعمة والأشربة؛ بل وحتى التي تدخل عن طريق الجهاز التنفسي مثل التدخين، فنجد الجسم مرتاحا من عملية الهضم ومتخلصا من الرواسب في أنسجته المختلفة مثل الأغشية المبطنة للجهاز الهضمي والمفاصل وتأثيره الظاهر على الجهاز العصبي، فيلاحظ تحسن التركيز وحدة ووضوح الأفكار.
حول الأثر السيكولوجي للصوم، يقول الدكتور محمد عبد الباسط بخاري استشاري الطب النفسي في مستشفى الملك عبد العزيز بمكة المكرمة، إن للصوم آثارا سيكولوجية كثيرة يمكن أن نجدها في الرضا والطمأنينة بسبب الأثر الروحي للصوم وما نلاحظه من زيادة إيجابية في العلاقات الاجتماعية خلال هذا الشهر الفضيل وكذلك بسبب تخفيف أعباء العمل الوظيفي.
كما يتضح الأثر السيكولوجي على الصائم في هذا الشهر من مظاهر الفرح التي تعم جميع أفراد المجتمع، ويتضح أيضا في الصبر والامتناع عن الطعام والشراب خلال نهار رمضان الذي يؤدي إلى زيادة القدرة على الاحتمال ويقوي من القدرة على مواجهة ومقاومة الضغوط الحياتية المختلفة.
* الصوم والأمراض النفسية
* يشير الدكتور محمد عبد الباسط بخاري إلى دراسة علمية حديثة أجراها الدكتور يوري نيكولايف رئيس وحدة الصيام في معهد الطب النفسي بموسكو، حيث وجد في نتائجها أن 70% من أصل 10000 مريض مصابين بالفصام (الشيزوفرينيا) عولجوا بالصيام، تحسنوا بشكل كبير واستعادوا قدرا كبيرا من نشاطهم الاجتماعي.
وفي دراسة أخرى أجريت في اليابان في جامعة توهوكو بإشراف الدكتور سوزوكي وياماماتو على 382 مريضا يعانون من الاضطراب النفسي الجسدي الذي يظهر على شكل آلام مختلفة ومتعددة مزمنة في الجسم، وجد أنهم تحسنوا وخفت حدة الأعراض والآلام وذلك بسبب انتظام عمل الجهاز العصبي اللاإراديAutonomic nervous system وكذلك منظومة الغدد Glands في الجسم.
كما وجد الباحثون أن الصيام ينظم إفراز هرمون الأدرينالين مما يخفف من حدة تأثيره على مرضى القلق والخوف والهلع.
* صوم المريض النفسي
* يؤكد الدكتور محمد بخاري أنه ليس هنالك مانع طبي من صيام المريض النفسي ولكن قد تظهر على البعض آثار جانبية من تناول العلاج النفسي مثل جفاف الحلق والعطش فعندها يمكن لهؤلاء المرضى تغيير موعد أخذ العلاج النفسي وذلك بمشورة الطبيب المعالج أو حتى تغيير العلاج إلى آخر بديل عنه لا تنتج عنه تلك الآثار الجانبية.
وقد يلجأ الأطباء النفسيون إلى استخدام العلاجات ذات المفعول الطويل Extended release medications التي تعطى مرة واحدة في اليوم وتغني المريض عن أخذ جرعات متكررة مما يقلل من نسبة حدوث الأعراض الجانبية.
ثم إن هنالك كثيرا من العلاجات النفسية غير الدوائية التي تعالج كثيرا من الأمراض النفسية يلجأ الأطباء إليها في حال رغبة المريض وبعد تقدير الطبيب النفسي، وهذه العلاجات مثل العلاج النفسي السلوكي Behavioral psychotherapy وكذلك العلاج المعرفي Cognitive psychotherapy وجلسات العلاج الجماعي Group therapy وغيرها.
ومن خلال خبرته الإكلينيكية يفيد د. محمد بخاري أنه وجد أن هناك كثيرا من المرضى قد خفت عنهم الأعراض النفسية نتيجة للأثر النفسي والروحاني لشهر رمضان واستطاعوا تمضية أيامه من دون علاج نفسي دوائي أو بجرعات قليلة.