العيد السعيد والتواصل الاجتماعي
قالوا في معنى العيد أنه ما يعود من هَمّ أو مرض أو شوق أو غيره ، وكل
يوم يحتفل فيه بذكرى كريمة أو حبيبة (1).
وقيل العيد من العود والرجوع والتكرار ومنه أخذت عيادة المريض ، وقيل
أيضا في معناه ما يعود على المتعبد من خلاله من الدرجات والحسنات وثواب
آخروي ومعنوي كفرحة الصائم بعد صيامه في شهر رمضان والحاج بعد انتهائه من
حجه.
وقد ورد ذكر العيد في القرآن الكريم والحديث الشريف ، من ذلك قوله تعالى
( قال اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا
وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين)(2). وإن كان باختلاف يسير في
المعنى.
وفي حديث عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال في بعض الأعياد (
إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو
عيد)(3).
ويقول أبو الطيب المتنبي في العيد :-
عيد بأية حال عدت يا عيد ..... بما مضى أم بأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم ..... فليت دونك بيدا دونهم بيد (4).
ومن الأقوال في العيد قول الشاعرة مريم العموري (5):-
فهل يا صاح تذكره أذا ما غاب ذكراه
بلى يا عيد أنت الخير فكيف العيد أنساه
وبعد هذا الاستعراض للمعنى والأقوال دعونا نثير نقطة مهمة في الجانب
الاجتماعي للعيد ألا وهي مسألة التواصل الاجتماعي وكيف هو بالأمس وكيف
أصبح اليوم.
فكما هو معلوم وواضح ومعاش أن وضع الفرحة بالعيد والتواصل من أجلها قد
تغير إلى الأسوأ إذا ما قسنا بينهما ( أي بين الماضي والحاضر) ويرجع ذلك
إلى عدة أسباب أستطيع أن أختزلها في نقطتين ، وهما :-
أ – التمدن :- فأهل المدن ولا شك أقل تواصلا من أهل القرى ربما بسبب طول
المسافات بين المدن والمحافظات وبين الحي والحي الآخر في المدن وأن كان
ذلك سببا غير كافٍ حتى تكون القطيعة أو شيء منها في مثل هذه المناسبات
الاسلامية الهامة في التواصل بين العائلات بل حتى الاصدقاء وأهل التعارف.
ب- التكنلوجيا والتقنية :- على الرغم من كون التكنلوجيا عامل مهم جدا في
تطور وتقدم معارف الانسان وعلومه إلا أنها تعتبر من العوامل التي أدت إلى
ضعف الجانب العملي في العلاقات والتواصل بين الناس حيث أكتفى الكثير منهم
بالبرامج التي استحدثتها هذه التقنيات في التواصل وترك الزيارة العملية
للأسف حتى أن البعض أهمل زيارة أقرب الناس له في الاعياد وغيرها ، فإذا
سألته لماذا ، قال يكفي (( الواتساب )) و(( السكاي بي )).. وغيرها من
البرامج.
وهذا طبعا غير صحيح فلربما احتاجك أقاربك أو احتاجوا لزيارتك ( الوالدين
مثلا) ماديا أو معنويا ولكن الحياء يمنعهم ولن تعرف ذلك ألا من خلال
زيارة مباشرة تطلع فيها على أوضاعهم وأحوالهم ومن المفترض لا نكتفِ
برسائل على مثل هذه البرامج أو غيرها سواء معهم او مع غيرهم من الأهل
والأقارب والأصدقاء ، فالزيارة في العيد تكون أمكن للفرحة والبهجة والصلة
بينك وبين أقاربك .
وأخيرا نسأل المولى الكريم أن تكون أيامنا كلها أعيادا وأن يحفظ أمتنا من
الأخطار والمحن أنه لما يشاء قدير.
(1) – المعجم الوسيط ، ج2 ص 659 – مجمع اللغة العربية بالقاهرة – ط، 1.
(2)- سورة المائدة ، آية : 114.
(3)- النجفي ، الشيخ هادي – موسوعة أحاديث أهل البيت( عليهم السلام) ، ج
7 ص 359- ط1 ، 1423هـ - دار إحياء التراث ، بيروت \ لبنان.
(4) – ديوان المتنبي ص 393- شرحه وضبطه وقدم له ، علي العسيلي – ط1 ،
1417هـ - مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، بيروت \ لبنان.
(5)- شاعرة من فلسطين.
محمد محمد المبارك