الأحد، 14 ديسمبر 2014

يوم الأربعين

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم 



نتقدم بأحر التعازي والأسى لمقام بقية الله في الأرض أرواحنا له الفداء الإمام المنتظر
( عج ) ولمراجعنا العظام ولكافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بذكرى أربعينية الأمام الحسين (ع) وأهله (ع) وأصحابه (ع) .. فلنعرج بهذه الذكرى لزيارتهم (ع) ونجدد العهد بالإمام الحسين (ع) ..

..عرج على كربلاء ياركبنا الحزين ..
..نزور فيه سيدنا ومولانا الإمام الحسين ..
..عرج على جسد ليس به يدين ..
..عرج على تربة زاد لها الحنين ..
..ياركبنا عد بنا فهذه الشجون ..
..في قلبنا قد بقت ليوم الاربعين ..

مر على استشهاد الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام وأهل بيته (ع) وأصحابه (ع) أربعون يوماً ، وقَدْ قضى العقل والدين باحترام عظماء الرجال ، أحياءً وأمواتاً ، وتجديد الذكرى لوفاتهم وشهادتهم ، وإظهار الحُزن عليهم ، لا سِيَّما من بذل نفسه وجاهَد ، حتى قُتِل لمقصدٍ سَامٍ ، وغَايَةٍ نَبيلة ، وقد جرت على ذلك الأمم في كلِّ عصرٍ وزمان ,, فحقيق على المسلمين بل جميع الأمم أن يقيموا الذكرى في كل عام للإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام ،، وإحياء هذا اليوم المشهود قد أصبح من شعائر الله تعالى ومن أجزاء التاريخ ..
فإن الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام قد جمع أكرم الصفات ،، وأحسن الأخلاق ،، وأعظم الأفعال ،،
وأجلَّ الفضائل والمناقب ،، علما وفضلا ، وزهادة وعبادة ، وشجاعة ، وسخاء وسماحة، ومقاومة للظلم ، وقد جمع إلى كرم الحسب شرف النسب وهو نسب حبيب إله العالمين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله ..

وقد جاهد الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام لنيل أسمى المقاصد ، وأنْبل الغايات ، وقام بما لم يَقُم بمثله أحد .. فبذل عليه أفضل الصلاة والسلام نفسه ، ومالَه وآلَه (ع) وأصحابه (ع) ،، في سبيل إحياء الدين ،، وإظهار فضائح المنافقين ،، واختار المنيَّة على الدنيَّة ، وميتة العز على حياة الذل ، ومصارع الكرام على اللئام ..
فأمن الحق أن تقام له عليه أفضل الصلاة والسلام الذكرى على ما جرى عليه في كل عام ، بل وفي كل يوم ، وتبكي له العيون بدل الدموع دمـــا ..
ونحن وفي هذه الذكرى الأليمة نرى في جميع انحاء العالم كم من الزائرين الموالين والمواليات سواء عن قرب او عن بعد ،، جاؤوا يحملون اللوعة والحرارة في زيارتهم للإمام للحسين عليه أفضل الصلاة والسلام في هذه الذكرى الأربعينية لأبي عبد الله الإمام الحسين (ع) ..
فكيف لاتكون اللوعة والتآسي بهذه المصيبة الألمية منا نحن المحبين للإمام الحسين (ع) بهذه الذكرى ،، فقد حث أهل بيت النبوة عليهم أفضل الصلاة والسلام شيعتهم وأتباعهم ومحبيهم على إقامة الذكرى لهذه الفــاجعة الألمية في كل عام ، فهم نعم القدوة وخير من اتبع صلوات الله عليهم أجمعين ..
فقد قال الإمام الحسين (ع): (انا قتيل العبرة ما ذكرت عند مؤمن الا ودمعت عيناه)..
وفقد بكى الإمام زين العابدين (ع) على مصيبة أبيه الإمام الحسين (ع) ثلاثين سنة ..
وكان الإمام الصادق (ع) يبكي لتذكُّر المصيبة ، ويستنشد الشعر في رثائه ويبكي ..
وكان الإمام الكاظم(ع) إذا دخل شهر محرم لا يُرَى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلُبُ عليه ..
وقال الإمام الرضا (ع) ( إنَّ يَومَ الحسين أقرحَ به جُفونَنا ، وأسال دموعنا ، وأورثنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء ) ..
ونحن نقول كلنا بصوت واحد .. سيدي يا أبا عبد الله 
سيدي إن فاتنا السعي إليك ،، لترانا صرعا بين يديك ،، لم يفتنا الوجد والنوح عليك ،، أبد الدهر وجذب الحسرات ..

:: فضل يوم الأربعين ::
إن لأربعينية الأمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام أصول وجذور ، فقد ورد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله: إنّ الأرض لَتبكي على المؤمن أربعين صباحاً ..
وجاء عن الإمام الباقر عليه السلام: إنّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً.. تطلع حمراء، وتغرب حمراء ..
وكما ورد عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قولُه: إنّ السماء بكت على الحسين عليه السلام أربعين صباحاً بالدم، وإنّ الأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، وإنّ الشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة... وإنّ الملائكة بكت عليه أربعين صباحاً..
ولمّا كانت مزايا الإمام الحسين عليه السلام وفجائعه لاتُحدّ.. لم تتوقّف هذه السُّنّة الشريفة، وهي إحياء مناسبة زيارته من قِبل أسرته. قال الشيخ المجلسيّ: عن المناقب: ذكر الشريف المرتضى في بعض مسائله أنّ رأس الحسين عليه السلام رُدّ إلى بدنه بكربلاء من الشام، وضُمّ إليه. وقال الشيخ الطوسيّ: ومنه «زيارة الأربعين».
ويمضي الموالون لأهل البيت عليهم السلام على تجديد العهد في يوم الأربعين من كلّ سنة ، يتذكّرونه ويُذكّرون به ، ويتثبّتون على أصله في حديث الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام: علامات المؤمن خمس: صلاة الإحدى والخمسين (وهي الفرائض اليوميّة مع النوافل) ، وزيارة الأربعين (وهي زيارة الحسين سلام الله عليه في أربعينيّة شهادته، والألف واللام في كلمة الأربعين تُسمّى للعهد، فهي زيارة معهودة مشهورة)، والتختّم باليمين (التزاماً بسُنّة النبيّ وأهل بيته صلوات الله عليهم)، وتعفير الجبين (بالسجود على الأرض؛ خضوعاً لله تعالى وتذلّلاً في محضره القدسيّ)، والجهر بـ «بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم» (وذلك وجوباً في الصلاة الجهريّة)..
فهذه هي علامات المؤمن المسلّم لأوامر الله تعالى، ومنها موالاةُ أوليائه ومودّتُهم وقد قال الله تعالى : "قُلْ لا أسألُكم عليهِ أجراً إلاّ المودّةَ في القُربى"،، والإمام الحسين (ع) من أقرب قُربى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ومن مصاديق المودّة: إحياءُ الذكرى، والمواساة مع التأسيّ ، والتفاعل الروحيّ والقلبيّ بسيرته وماجرى عليه صلوات الله عليه.
وهذا من خصوصيّات المؤمن الموالي والمحبّ المخلص، يكون فيه علامةً تُميّزه عن عامّة الناس، إذْ زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم أربعينه ممّا يدعو إليها الإيمانُ الخالص والولاء الخالص لأهل البيت عليهم السلام، ويؤكّدها الشوق الحسينيّ ، ولايوفَّق إلى ذلك إلاّ خصوص المشايعين له والسائرين على منهاجه وأثره.
ونذكر هنا قصة الصحابي الجليل جابر الأنصاري في الأربعين ..

قال عَطا : كنت مع جابر بن عبد الله الأنصاري يوم العشرين من صفر ، فلمَّا وصَلنا الغاضرية اغتسل في شريعتها ، ولبس قميصاً كان معه طاهراً ، ثم قال لي : أمَعَكَ من الطيب يا عَطا ؟
قلت : معي سُعد .
فجعل منه على رأسه وسائر جسده ، ثم مشى حافياً حتى وقف عند رأس الحسين ( عليه السلام ) ، وكَبَّر ثلاثاً ، ثم خرَّ مغشياً عليه ، فلما أفاق سَمِعتُه يقول : السلام عليكم يا آلَ الله ( بحار الأنوار 101 / 329 ) .
وكان يزيد قد أمر بِرَدِّ سبايا الحسين ( عليه السلام ) إلى المدينة ، وأرسل معهم النعمان بن بشير الأنصاري في جماعة .
فلمَّا بلغوا العراق ، قالوا للدليل : مُر بنا على طريق كربلاء ، وكان جابر بن عبد الله الأنصاري ، وجماعة من بني هاشم قد وردوا لزيارة قبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
فبينا هُم كذلك إذ بِسَوادٍ قد طلع عليهم من ناحية الشام .
فقال جابر لعبده : اِنطلق إلى هذا السواد وآتِنَا بخبره ، فإن كانوا من أصحاب عُمَر بن سعد فارجع إلينا ، لعلَّنا نلجأ إلى ملجأ ، وإن كان زين العابدين ( عليه السلام ) فأنت حُرٌّ لوجه الله تعالى .
فمضى العبد ، فما أسرع أن رجع وهو يقول : يا جابر ، قمْ واستقبل حرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، هذا زين العابدين قد جاء بِعَمَّاته وأخواته .
فقام جابر يَمشي حافي الأقدام ، مكشوف الرأس ، إلى أن دنا من الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، فقال ( عليه السلام ) : ( أنْتَ جَابِر ؟ ) .
فقال : نعم يا بن رسول الله .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( يَا جَابر هَا هُنا واللهِ قُتلت رجالُنا ، وذُبحِت أطفالُنا ، وسُبيَتْ نساؤنا ، وحُرقَت خِيامُنا ) .
وفي كتاب الملهوف : إنهم توافوا لزيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) في وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن ، وأقاموا المأتم ، واجتمع عليهم أهل ذلك السواد ، وأقاموا على ذلك أياماً ( أعيان الشيعة 1 / 617 ) .

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

نبذة من حياة السلطان أبي الحسن علي الرضا عليه السلام



نبذة من حياة السلطان أبي الحسن عليه السلام


مختصرٌ من حياة الإمام عليِّ بنِ موسى الرِّضا (عليه السّلام)1 ـ مولدهوُلد الإمام عليُّ بنُ موسى الرِّضا (عليه السّلام) في الحادي عشر من شهر ذي القعدة ، يوم الخميس أو يوم الجمعة ، بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومئة ، بعد وفاة جدّه الصّادق (عليه السّلام) بأيّام قليلة ، وكان الإمامُ الصّادق (عليه السّلام) يتمنّى إدراكه .فقد روي عن الإمام الكاظم (عليه السّلام) أنّه قال : (( سمعتُ أبي جعفرَ بنَ محمّد (عليهما السّلام) غير مرّة يقول لي : إنّ عالمَ آلِ محمّدٍ (عليه السّلام) لَفِي صُلبِكَ ، وليتني أدركتُهُ ؛ فإنَّهُ سميُّ أميرِ المؤمنين (عليه السّلام) ))(1) .أمّا أبوه فهو الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) ، وأمّا اُمّه فهي اُمُّ ولد يُقال لها : اُمّ البنين ، واسمها نجمة ، ويُقال : تكتم . اشترتها حميدة المُصفّاة اُمُّ الإمام موسى (عليه السّلام) ، وكانت من أفضل النِّساء في عقلها ودينها ، وإعظامها لمولاتها .وروي أنّ حميدة رأت في المنام رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) يقول لها : (( يا حميدة ، هبي نجمةً لابنكِ موسى ؛ فإنّهُ سيُولد له منها خيرُ أهلِ الأرضِ )) . فوهبتها له ، فلمّا ولدت له الرِّضا (عليه السّلام) سمّاها الطَّاهرة .وروى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن نجمة اُمِّ الإمام الرِّضا (عليه السّلام) تقول : لمّا حملتُ بابني عليٍّ لم أشعر بثقل الحمل ، وكنتُ أسمع في منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً من بطني ، فيفزعني ذلك ويهولني ، فإذا انتبهت لم أسمع شيئاً , فلمّا وضعتُهُ وقع على الأرض واضعاً يده على الأرض ، رافعاً رأسه إلى السماء , يُحرّك شفتيه كأنّه يتكلّم ، فدخل إليّ أبوه موسى بن جعفر (عليه السّلام) فقال لي : (( هنيئاً لكِ يا نجمة كرامة ربِّك )) .فناولته إيّاه في خرقة بيضاء ، فأذّن في اُذنه اليمنى وأقام في اليسرى ، ودعا بماء الفراتِ فحنّكه به ، ثم ردّه إليَّ وقال : (( خُذيه ؛ فإنَّهُ بقيّةُ اللهِ في أرضِهِ ))(2) .وروي عن البزنطي قال : قلتُ لأبي جعفر (عليه السّلام) : إنَّ قوماً من مخالفيكم يزعمون أنّ أباك (عليه السّلام) إنّما سمّاه المأمونُ الرِّضا ؛ لما رضيه لولاية عهده .فقال (عليه السّلام) : (( كذبُوا والله وفجروا ، بل اللهُ تبارك وتعالى سمّاه الرِّضا ؛ لأنّه كان رضيَّ الله عزّ وجل في سمائه ، ورضيَّاً لرسوله والأئمَّة من بعده (عليهم السّلام) في أرضه )) .قال : فقلتُ له : ألم يكُنْ كلُّ واحدٍ من آبائك الماضين (عليهم السّلام) رضيَّ الله عزّ وجل ، ولرسوله والأئمَّة من بعده (عليهم السّلام) ؟فقال : (( بلى )) .فقلتُ : فلِمَ سُمِّي أبوك (عليه السّلام) من بينهم الرِّضا ؟قال : (( لأنَّه رضيَ به المُخالفونَ من أعدائِهِ كما رضي به الموافقونَ من أوليائه ، ولم يكن ذلك لأحدٍ من آبائه (عليهم السّلام) ؛ فلذلك سُمِّي من بينهم الرِّضا (عليه السّلام ) ))(3) .
2 ـ فضائلُهُ ومناقبُهُ ومعاجزُهُ (عليه السّلام)فضائل ومناقب ومعاجز الأئمَّة (عليهم السّلام) خرجت عن حدِّ العدِّ والإحصاء ، بل قد يكون حصرُها مستحيلاً ؛ لكثرتها وعدم الإحاطة بها ، ومن هؤلاء الأئمَّة (عليهم السّلام) الإمام أبو الحسن الرِّضا (عليه السّلام) ؛ فقد حوى من المناقب والفضائل ما أبهرت عقول البشر ، إضافة إلى ما وهبه الله من عِلمٍ دانت له الفرق والملل .فقد روي عن أبي الصّلت الهروي أنّه قال : ما رأيتُ أعلم من عليِّ بن موسى الرِّضا (عليه السّلام) ، ولا رآه عالم إلاّ شهد له بمثل شهادتي ، ولقد جمع المأمون في مجالس له ـ ذوات عدد ـ علماء الأديان وفقهاء الشَّريعة والمُتكلِّمين ، فغلبهم عن آخرهم حتَّى ما بقي أحدٌ منهم إلاّ أقرّ له بالفضل ، وأقرّ على نفسه بالقصور ، ولقد سمعت عليَّ بن موسى الرِّضا (عليه السّلام) يقول : (( كُنتُ أجلس في الرَّوضة ، والعُلماءُ بالمدينة متوافرون ، فإذا أعيا الواحدُ منهُمْ عنْ مسألةٍ أشاروا إليَّ بأجمعِهمْ ، وبعثوا إليَّ بالرَّسائل فاُجيب عنها )) .وكان (عليه السّلام) إذا خلا جمع حشمه كلَّهم عنده ، الصغير والكبير ، فيُحدِّثهم ويأنس بهم ويؤنسهم ، وكان (عليه السّلام) إذا جلس على المائدة لا يدع صغيراً ولا كبيراً حتَّى السَّائس والحجّام إلاّ أقعده معه على مائدته(4) .ومن معاجزه (عليه السّلام) ما روي عن الريّان بن الصّلت أنّه قال : لمّا أردت الخروج إلى العراق عزمت على توديع الرِّضا (عليه السّلام) ، فقلتُ في نفسي : إذا ودّعته سألتُه قميصاً من ثياب جسده لاُكفَّن به ، ودراهم من ماله أصوغ بها لبناتي خواتيم ، فلمّا ودّعته شغلني البكاء والأسى على فراقه عن مسألتي تلك ، فلمّا خرجت من بين يديه صاح بي : (( يا ريّان ، ارجع )) .فرجعت ، فقال لي : (( أما تُحبُّ أنْ أدفعَ إليك قميصاً من ثياب جسدي تُكفَّن فيه إذا فنى أجلك ؟ أوَ ما تُحبُّ أنْ أدفعَ إليك دراهمَ تصوغُ بها لبناتك خواتيم ؟ )) .فقلتُ : يا سيدي ، قد كان في نفسي أنْ أسألك ذلك فمنعني الغمّ بفراقك .فرفع (عليه السّلام) الوسادة وأخرج قميصاً فدفعه إليّ ، ورفع جانب المُصلّى فأخرج دراهم فدفعها إليَّ ، فعددتها فكانت ثلاثين درهماً(5) .ومنه أيضاً ما رواه ابن شهر آشوب عن سُليمان الجعفري أنّه قال : كنتُ مع الرِّضا (عليه السّلام) في حائطٍ له وأنا معه ، إذ جاء عصفور فوقع بين يديه , وأخذ يصيح ويُكثر الصِّياح ويضطرب ، فقال لي : (( يا سُليمان ، تدري ما يقولُ العصفورُ ؟ )) .قلت : لا .قال : (( إنّه يقول : إنّ حيّةً تأكلُ أفراخي في البيت . فقم فخذ النبعة في يديك ـ يعني العصا ـ وادخل البيت واقتُل الحيَّة )) . فأخذت النَّبعة ودخلتُ البيت ، فإذا حيَّةٌ تجول في البيت فقتلتُها(6) .
3 ـ شهادتُهُ (عليه السّلام)لمّا استتب الأمر للمأمون أخذ الجلاوزة والوشاة يُهوّلون عليه خطر الإمام الرِّضا (عليه السّلام) وهو في المدينة ، ولم يكُنْ الإمام (عليه السّلام) بصدد القيام بثورة ضدّه ؛ لكون تلك الاُمور مرهونة بأوقاتها وأوامرها الإلهيّة ، ولكن مع هذا كلِّه ذكروا له أنّه لا راحة لبالك إلاّ أنْ تأتي بعليِّ بن موسى الرِّضا إلى مدينة خراسان ليكون تحت نظرك وقريب منك ؛ تعلم بشرِّه وخيره .فاستجاب لهم ، وأُتي بالإمام (عليه السّلام) مع بعض أهل بيته وعياله ، وبعد عناء السّفر الطويل وصل الإمام (عليه السّلام) لمدينة ( مرو ) ، وقد عرض المأمون على الإمام (عليه السّلام) ولاية العهد إلاّ أنَّ الإمام (عليه السّلام) رفضها بأشدّ الرفض ، قائلاً له : (( أتُريدُ أنْ يُقال : إنّ الرِّضا ما كان زاهداً في الدُّنيا ، وإنَّما هي زاهدةٌ فيه ؟! )) .ولذا عندما عُرضت عليه ولاية العهد قبلها مُكرَهاً ، وهو ما يبيّنه بقوله (عليه السّلام) : (( لا والله ، ما كنتُ راضياً بذلك من تلقاء نفسي أبداً )) . وكذلك قال (عليه السّلام) : (( لقد نهانِي اللهُ أنْ اُلقي نفسي بالتَّهلكة )) . وقبلها بشرطِ أنّه لا يأمر ولا ينهى ، ولا يعزل ولا يُولّي ، ولا يتكلّم بين اثنين في حكومة ، ولا يُغيّر شيئاً ممّا هو قائم على أصله , فأجابه المأمون على ذلك .ثم إنَّ المأمون جلس مجلساً خاصّاً لخواصِّ أهل دولته من الاُمراء والوزراء ، والحُجّاب والكُتّاب ، وأهل الحلِّ والعقدِ ، وكان ذلك في يوم الخميس لخمس خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومئتين(7) .وبعد فترة لم يرقَ للمأمون ما صنعه للإمام الرِّضا (عليه السّلام) من ولاية العهد ، وندم على فعلته هذه ، وإنّ حبَّ النّاس ما زال يزداد يوماً بعد يوم للإمام (عليه السّلام) ؛ ممّا دعاه أنْ يُفكر بالقضاء على أبي الحسن الرِّضا (عليه السّلام) ، وبالفعل صمّم على قتل الإمام (عليه السّلام) .روى الشبلنجي في ( نور الأبصار ) عن هرثمة بن أعين ـ وكان من رجال المأمون ، والقائمين على خدمة الإمام الرِّضا (عليه السّلام) ـ قال : طلبني سيّدي أبو الحسن الرِّضا (عليه السّلام) في يوم من الأيّام ، وقال لي : (( يا هرثمة ، إنّي مُطلعُكَ على أمرٍ يكونُ سرّاً عندك ، لا تُظهرُهُ لأحدٍ مُدّةَ حياتي ، فإذا أظهرته مُدّةَ حياتي كُنتُ خصماً لك عند الله )) .فحلفت له أنّي لا أتفوه بما يقوله لي لأحد مدّة حياته .فقال لي : (( اعلم يا هرثمة أنّه قد دنا رحيلي ولحوقي بآبائي وأجدادي ، وقد بلغ الكتابُ أجلَهُ ، وإنّي اُطعَم عِنباً ورُمّاناً مفتوتاً فأموت ، ويقصد الخليفة أنْ يجعلَ قبري خلف قبر أبيه هارون الرشيد ، وإنّ الله لا يُقدره على ذلك ، وإنّ الأرض تشدُّ عليهم ؛ فلا تُعمل فيها المعاول ، ولا يستطيعونَ حفرها ))(8) .وهكذا حصل ما أخبر به الإمام الرِّضا (عليه السّلام) ، فما مرّت الأيّام إلاّ وقد فعل الظالمُ فعلته العظيمة بخليفة الله في الأرض ، وإمام الإنس والجنّ معاً ، عليِّ بن موسى الرِّضا (عليه السّلام) .قال أبو الصّلت الهروي : دعاني سيدي ومولاي الرِّضا (عليه السّلام) ، فلمّا حضرت عنده قال لي : (( يا أبا الصّلت ، غداً يبعثُ عليَّ هذا الفاجرُ فاُدخل عليه ؛ فإنْ أنا خرجتُ مكشوفَ الرَّأسِ كلّمني ، وإنْ أنا خرجتُ وأنا مُغطّى الرأس فلا تُكلّمني )) .قال الهروي : فلمّا أصبحنا من الغدِ لبس الإمامُ (عليه السّلام) ثيابَهُ ، وجلس في محرابه كأنه ينتظر ، فبينما هو كذلك إذ دخل عليه غلامُ المأمون ، وقال : أجب أمير المؤمنين .فلبس نعله ورداءه ، وقام يمشي ـ وأنا أتبعه ـ حتى دخل على المأمون ، وبين يديه طبق عنب وأطباق الفاكهة ، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه ، فلمّا أبصر الرِّضا (عليه السّلام) وثبَ إليه فعانقه وقبّل ما بين عينيه وأجلسه معه ، ثم ناوله العنقود وقال : يابنَ رسول الله ، ما رأيتُ عِنباً أحسن من هذا !فقال الرِّضا (عليه السّلام) : (( رُبما كان عنبٌ أحسنَ مِنْ هذا في الجنّةِ )) .فقال له : كُلْ منه .فقال الرِّضا (عليه السّلام) : (( اعفني من ذلك )) .فقال : لا بدّ من ذلك ، وما يمنعك منه ؟ لعلّك تتهمنا بشيء ؟فتناول الإمام (عليه السّلام) العنقودَ وأكل منه ثلاث حبّات ، ثم رمى به وقام ، فقال المأمون : إلى أين ؟ فقال الرِّضا (عليه السّلام) : (( إلى حيثُ وجّهتني إليه )) .قال أبو الصّلت : وخرج سيدي الرِّضا (عليه السّلام) وهو مُغطّى الرَّأس فلم اُكلّمه حتّى دخل الدار ، وأمر أنْ يُغلقَ الباب فغُلق ، ثم اضطجع على فراشه وراح يتقلّب ويضطرب ، ومكثتُ واقفاً في صحن الدار مهموماً محزوناً ، فبينا أنا كذلك إذا بشابٍّ حَسن الوجه ، قطط الشعر ، أشبه النّاس بإمامي الرِّضا (عليه السّلام) ، فبادرت إليه وقلتُ له : منْ أين دخلت والباب مُغلق ؟!فقال : (( يا أبا الصّلت ، الذي جاء بِي مِنَ المدينةِ إلى طوس هو الذي أدخلني الدَّارَ والبابُ مُغلقٌ )) .فقلتُ له : مَن أنت ؟فقال : (( أنا إمامُك الجواد )) .ثم مضى نحو أبيه ، فدخل وأمرني بالدخول معه ، فلمّا نظر إليه الرِّضا (عليه السّلام) وثب إليه فعانقه ، وضمّه إلى صدره ، وقبّل ما بين عينيه ، وصار يُوصيه بجميع ما أهمّه .ثم إنّ الإمام الرِّضا (عليه السّلام) مدّد يديه ، وأسبل رجليه ، وغمّض عينيه ، وقضى نحبه صابراً مُحتسباً مسموماً , فالتفت إليّ الجواد (عليه السّلام) وقال : (( يا أبا الصّلت ، قُمْ فائتني بالمُغتسل والماء من الخزانة )) .فقلت : ما في الخزانة مغتسل ولا ماء !فقال لي : (( انتهِ لما أمرتُكَ بهِ )) .فدخلتُ الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء فأخرجته ، وشمّرت ثيابي لأغسله ، فقال لي : (( تنحّ يا أبا الصّلت ؛ فإنَّ مَن يُعينني غيرك )) . فغسّله ثم قال : (( ادخُل الخزانة فأخرج لي السّفطَ الذي فيه كفنُهُ وحنوطُهُ )) .فدخلت ، فإذا أنا بسفط لم أرهُ في تلك الخزانة قط ، فحملته إليه ، فكفّنه وصلّى عليه ، ثم قال : (( ائتني بالتَّابوت )) .فقلتُ : أمضِ إلى النجّار حتى يصلح التابوت .قال : (( قم ، فإنَّ في الخزانة تابوتاً )) .فدخلتُ الخزانة فوجدتُ تابوتاً لم أرَه قط ، فأتيته به ، فأخذ الرِّضا (عليه السّلام) بعد ما صلّى عليه فوضعه في التابوت ، وصفّ قدميه وصلّى عليه(9) .فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وسيعلم الذين ظلموا آل بيت محمّد (صلّى الله عليه وآله) أيّ منقلب ينقلبون ، والعاقبةُ للمُتَّقين 

صلح الإمام الحسن عليه السلام



صلح الإمام الحسن عليه السلام




دراسة تاريخية موثقة يتناول فيها العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي تأثيرات صلح الامام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) مع معاوية بن أبي سفيان على الجهاد الذي تبناه الامام الحسين بن علي ( عليه السلام ) .
تأثير الصلح الحسني في الجهاد الحسيني
بسم الله الرحمن الرحيم
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين .
لقد جاهد الإمام علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الناكثين ، و المارقين و القاسطين . . ثم كان ما يسمى بـ " صلح " أو عقد و عهد الإمام الحسن عليه السلام ، الذي ألجأته الظروف إلى عقده مع معاوية .
و اللافت : أن هذا العهد قد حقق إنجازا عظيما على صعيد تأكيد الحق ، و ترسيخ الشرعية فيما يرتبط بإمامة أهل البيت عليهم السلام ، و سلب ذلك عن الطرف الآخر ، و انتزاع اعتراف خطي منه بأنه باغ و متغلب ، حين أكدت بنوده على :
1 ـ أن الحق لا بُدَّ أن يعود للإمام الحسن عليه السلام ، ثم من بعده للإمام الحسين عليه السلام .
2 ـ أن ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده .
3 ـ أن لا يقيم الإمام الحسن عليه السلام شهادة عند معاوية .
4 ـ أن لا يسميه أمير المؤمنين . .
5 ـ أن يعمل بكتاب الله و سنة نبيه .
6 ـ أن لا يذكر علياً إلا بخير .
7 ـ أن يكون أصحاب علي و شيعته آمنين حيث كانوا من أرض الله .
8 ـ أن يكون الناس جميعاً آمنين حيث كانوا من أرض الله .
و ثمة شروط أخرى ذكرها المؤرخون أيضاً .

و قد كان معاوية يعلم أن نقض أي بند من هذه البنود سيحرمه من صفة الشرعية ، و سيظهر وفقا لما تعهد به من أهلية الإستمرار في ذلك الموقع .
و قد أعطى معاوية هذه الشروط ، و هو يرى نفسه أنه الأقوى ، و أنه هو المنتصر ، و خزائن الأموال بيده ، و الجيوش تحت أمرته ، و الناس رهن إشارته . . و معه و من ورائه الأخطبوط الأموي المنتشر في طول البلاد و عرضها ، الذي ما فتئ لم يزل يعمل على هدم ما يبنيه علي و ولده ، و على تثبيت أمر معاوية و ترسيخه .
و في مقابل ذلك فإن جيش الإمام الحسن عليه السلام كان مفكك العرى ، متفرق الأهواء ، يضم حتى فلول الخوارج ، الموتورين على يد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام . . و قد ظهرت في هذا الجيش الخيانات الكبرى حتى من أقرب الناس إلى الإمام الحسن عليه السلام نسباً ، و هو عبيد الله بن العباس الذي ذبح له عمال و أنصار معاوية طفلين ، و لكن ذلك لم يمنعه من بيع دينه لمعاوية بمليون درهم فقط ، حيث نسي ولديه ، بعد أن نسي ربه ، و خان إمامه .
و اللافت أن بنود هذا العهد لتبطل أمر معاوية حتى قبل أن يبدأ ، إذ أننا لو أخذنا بنداً واحداً من هذه البنود ، و هو البند الذي يشترط أن لا يقيم الإمام الحسن عليه السلام شهادة عند معاوية ، فإن هذا البند الذي لا يخطر على بال أحد أن يذكر في صلح بهذه الخطورة ، تحقن به دماء ألوف من المسلمين ، و لا يخطر على بال أحد أن يكون هناك حديث عن إقامة شهادة عند قاض ، قد لا يحتاج إليها على مدى عمر الإنسان كله ، و لو لمرة واحدة ، فضلا عن أن يسجل ذلك في هذا الصلح الخطير .
نعم إننا لو لاحظنا ذلك لرأينا : أن معاوية يقبل بأن لا يقيم الإمام الحسن عليه السلام عنده حتى الشهادة ، مع أنه يعلم : أن الشهادة قد لا تزيد على حفظ حق إنسان مّا في أرض أو فرس ، أو الاقتصاص للطمة أو جرح .
و ذلك الشرط إنما يعني إبطال أمر معاوية من أساسه ، حتى قبل أن يتصدى و يمارس أمور الحكم ، لأن معنى هذا الشرط أن معاوية :
إما غير قادر على معرفة أحكام الله ، و لو في مثل هذه الأمور الجزئية و البسيطة ، فكيف يتصدى إذن لموقع خلافة الرسول صلى الله عليه و آله ، الذي يعني لزوم أداء مهماته صلى الله عليه و آله في تعليم الدين ، و بيان شرائعه و أحكامه ، و في التصدي للشبهات ، و حل المعضلات ؟
و إما أن معاوية كان يعرف كيف يقضي بين الناس ـ لكنه لم يكن مأموناً على القضاء بالحق .
فمن لا يؤمن على القضاء في فرس ، أو دار ، أو لطمة أو نحو ذلك ، فهل يؤمن على دماء الأمة ، و أعراضها و أموالها ، و على دينها و مستقبلها ؟
و إذا كان معاوية لا يستطيع أولا يؤتمن على القضاء بهذا المستوى فيكف يفي بتعهداته بالعمل بالكتاب و السنة ؟
و إذا كان هو المؤسس و الأساس لدولة بني أمية ، فقد اتضح أن هذا الأساس لا يملك ما يؤهله لهذا الموقع باعتراف منه ، و بتوقيع عهد و عقد مع من ينكر له أي حق فيما يدعيه . . ثم إنه يسجل ذلك و يوقع عليه في مقام لا بُدَّ له فيه من وضع النقاط على الحروف بكل دقة و حرص . . و حيث لا مجال للتغاضي ، و لا للغفلة و لا للتسامح .
فإذا كان هذا البند يعطينا ذلك كله فما بالك بسائر البنود ؟ ! مثل أن لا يسميه الإمام الحسن عليه السلام بأمير المؤمنين ، فمن كان رأس أهل الإيمان ، لا يرضاه أميرا للمؤمنين ، فهل يرضاه أميراً له ؟ ! .
كما أنه هو بنفسه يسجل : أن ليس لأحد من ولده ، و لا من قومه أي حق في هذا الأمر . . بل الأمر يرجع إلى الحسن ، ثم للحسين عليهما السلام .
و بعدما تقدم يتضح : أن إمامة الإمامين الحسن و الحسين عليهما السلام تصبح مفروضة و لازمة ، بمقتضى جميع الأعراف ، و عند سائر الأمم .
فالحسنان عليهما السلام بنظر المسلم الملتزم إمامان : قاما أو قعدا . بمقتضى نص رسول الله صلى الله عليه و آله .
و الحسن عليه السلام هو وصي أبيه سلام الله عليه ، كما سجله لنا التاريخ أيضاً ( راجع الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام ) و ذلك يكفي حجة على من يرى لزوم العهد من الخليفة السابق للاحق .
أضف إلى ما تقدم : أن هذا العقد الذي تم بين الإمام الحسن عليه السلام و معاوية لا بُدَّ من الوفاء به حتى عند أهل الجاهلية . بل إن كل المجتمعات الإنسانية حتى التي لا تدين بدين اصلاً تحتم الإلتزام به ، و لا تجيز نقضه .
و ذلك لأن المجتمعات الإنسانية تعتبر الوفاء بالالتزامات والعهود والعقود أساسا لبناء حياتهم في مختلف المجالات ، حتى السياسية والإجتماعية منها ، وعلى وفق هذه الرؤية ومن هذا المنطلق تنظم علاقاتها بالأمم و الشعوب ، و الجماعات .
و لا تجد أحدا يجيز لأحد الطرفين نقض العهد و العقد إلا بالتراضي و التوافق ، و الاتفاق مع سائر الأطراف .
يزيد هو الباغي :
و بذلك يتضح لكل أحد وفق هذا المنطق الشرعي ، و العقلي ، و العقلاني ، و الإنساني ، أن يزيد بن معاوية هو الباغي على الحسين عليه السلام ، و هو الخارج عليه ، حتى لو أعلن أبوه معاوية نقضه للعهد . فإن العهد لا ينتقض بذلك .
بل إن العهد نفسه قد سلب معاوية حق نقض العهد لو توهم جاهل أن له أي حق في ذلك . و ذلك حين صرح بقوله : و لا يحق لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده .
فترة تأسيس الدين :
و من جهة أخرى نقول :
لقد كانت الفترة التي تلت وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله . . هي فترة تأسيس الدين ، و ترسيخ دعائمه ، و تقرير أحكامه و شرائعه ، و سياساته و قيمه .
فكل ما يقال و يمارس في هذه الفترة سوف يصبح جزءً من الدين ، و ستتداوله الأجيال ، حقا كان أو باطلا .
و حتى لا يبقى الباطل وحده هو سيد الموقف ، و المطروح للتداول ، كان لا بُدَّ لأمير المؤمنين عليه السلام و الخلص من أصحابه من أن يشاركوا في هذا التأسيس ، و أن يطرحوا للناس الحق الذي يسعى الآخرون ، إما لتجاهله و الابتعاد عنه ، أو للعبث و التلاعب به .
و لذلك دخل عمار ، و سلمان ، و حذيفة ، و مالك الأشتر ، و أضرابهم في مناصب الدولة ، فتولى عمار الكوفة ، و سلمان المدائن ، و حذيفة كان قائداً للجيوش الفاتحة ، في فتوح نهاوند المعروف بفتح الفتوح ، و كان هو السبب في زوال ملك الأكاسرة . و شارك الأشتر في الحروب معهم ، وشترت عينه فيها فقيل له الأشتر ـ و لا شك في أن ذلك كان برضى من أمير المؤمنين عليه السلام ، أو بتوجيه منه .
و قد كان عليه السلام يسعى لحفظ التوازن و الهدوء في العلاقة مع الخلفاء . و كان يحضر مجالسهم ، و يشارك في بيان مسائل الدين ، و حل معضلات الأمور ، حتى لقد كثر قول عمر : لولا علي لهلك عمر .
و لكن الأمر كان أعظم من ذلك أيضاً .
فقد كان الخلفاء يدّعون : أن لهم ما للرسول صلى الله عليه و آله ، و أنهم يقومون بما يقوم به ، فلهم القضاء ، و الحكم ، و قيادة الجيوش ، و تعليم الناس أحكام دينهم ، و تربيتهم ، و سياستهم و تدبير أمورهم . تماماً كما كان ذلك لرسول الله صلى الله عليه و آله . بل لقد زعموا أن لهم حق التشريع في الدين ، و الفتوى بآرائهم فيه 
و قد مارسوا ذلك بالفعل ، و منعوا الناس من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه و آله ، و من كتابته و تدوينه ، و حبسوا كبار الصحابة بالمدينة ، و استعاضوا عن سنة الرسول صلى الله عليه و آله ، و أقواله و سيره ، بثقافات أهل الكتاب ، و ملأوا عقول الناس بها ، و منعوا الناس من السؤال عن معاني القرآن ، و من كتابة تفسيره .
ثم إنهم قد عملوا على أن يضفوا على أنفسهم هالة من القداسة ، لا مجال لاختراقها ، فكان من آثار هذه القداسة أن أصبحت سياسات الخلفاء هذه دينا يدان به و شرعاً يتبع .
و كانت النتيجة هي ما ذكرنا من أنه لم يبق من الدين إلا رسمه ، و من الإسلام إلا اسمه .
فكان لا بُدَّ من إسقاط هذه الهالة ، و إسقاط قناع الزيف عن وجوه أولئك المجرمين . و قد قام أمير المؤمنين عليه السلام بما كان يمكن القيام به في هذا السبيل ، فأعاد التأكيد على الخطوط العامة ، و أصحر للناس بالعقائد الحقة ، و بين سياسات الإسلام تجاه كل هذا الواقع الذي يواجهه . . و حارب الناكثين و المارقين و القاسطين .
و جاء الإمام الحسن عليه السلام ليخطوا الخطوات التي أتيح له أن يخطوها أيضاً في نفس هذا الإتجاه ، فأنجز الصلح الذي تحدثنا عنه آنفاً .
و لم يبق إلا أن يحدث الزلزال الذي فرض على الأمة أن تراجع حساباتها ، بعد أن سقط القناع المزيّف الذي حاول الغاصبون و الطامعون أن يستروا به حقيقتهم .
و أفاق الناس على واقعهم المرير ، ليجدوا أن ثقافة أهل الكتاب هي التي تهيمن عليهم ، بعد أن سلبت منهم معارف الإسلام ، و ليجدوا أنهم يقدسون أشد الناس انحرافاً عن الله . أو أعظمهم طغياناً عليه .
و ليجدوا أن الذين يقدسونهم ليسوا هم الأمناء على وحي الله سبحانه و تعالى ، و لا هم العالمون بشرايعه سبحانه .
و ليجدوا . .
و ليجدوا . . إلى ما لا نهاية . .
و قد جاءت حركة الإمام الحسين عليه السلام الجهادية بصورة لا تقبل التأويل ، و لا مجال فيها لإثارة أية شبهة أو لبس ، فأسقطت هالة القداسة ، و فرضت على الناس أن يعيدوا النظر في كل شيء ، و أن يبحثوا عن الإسلام و أهله ، و أن يميزوا بين مصادر المعرفة فيه من جديد . . و أصبح هذا الأمر هو الوظيفة المفروضة على كل إنسان إلى يوم القيامة .
لماذا الحسين و لماذا على يزيد بالذات :
هذا ، و لقد كان الناس يعرفون الكثير الكثير مما أخبر به النبي صلى الله عليه و آله عن مصير أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، و كانوا قد عرفوا أيضا الحسين عليه السلام ، و أخاه و أباه سلام الله عليهم أجمعين . . عرفوهم في ممارساتهم ، و في توجهاتهم ، و في كل حالاتهم .
و عرفوا في مقابل ذلك : رموز الشجرة الملعونة و أهدافها ، و سيرتها ، و وقفوا على حالاتها . و كذلك على حالات و سير و أخلاق خصوم أهل البيت عليهم السلام بصورة عامة ، الذين يريدون أن يكونوا ملوكاً جبارين .
و الناس أيضا . . قد عرفوا بنود صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية .
و قرأوا على صفحات الواقع و التجربة ، و المعايشة القريبة ، خصائص الشخصية العلوية ، و الحسنية ، و الحسينية . و هم أهل بيت النبوة سلام الله عليهم .
ثم إن الناس قد قرأوا أيضاً على صفحات الواقع و التجربة ، و المعايشة القريبة خصائص خصوم أهل البيت عليهم السلام ، من أمثال معاوية و يزيد و غيرهما .
ثم إن الناس كذلك . . قد رأوا بأم أعينهم كيف أن هذا الباغي و المعتدي ، و المدعي لمقام خلافة الرسول صلى الله عليه و آله لا يتحمل حتى أن يرفض إنسان واحد الإنقياد له مع أنه هو المعتدي على حق هذا الإنسان ، و مع أن أباه بالذات قد سجل أن لا حق له ، و لا لأحد من ولده في هذا الأمر ، و أنه الحسين بالذات هو صاحب الحق .
نعم . . إن يزيد لم يتحمل حتى أن يرفض هذا الإنسان بالذات و الإنقياد له . فراح يلاحقه بثلاثين ألف مقاتل إلى قلب الصحراء ، ليقتله مع أهل بيته ، و ثلة يسيرة جدا من أصحابه ، و يسبي نساءه و أطفاله .
رغم أنه من أهل بيت النبوة ، و سيد شباب أهل الجنة الحسين عليه السلام بالذات ، فكيف ـ يا ترى ـ سيتعامل مع سائر الناس ، لو بدرت منهم أية بادرة مهما كانت تافهة و صغيرة ؟ ! .
المعايير هي الأقوى و الأبقى في الأمة :
ثم إن الإمام الحسين عليه السلام قد أعطى للمعايير الفطرية و العقلية ، و الإنسانية قوتها و فاعليتها ، حين قال للناس في بداية حركته الجهادية :
" إنا أهل بيت النبوة ، و معدن الرسالة ، و مختلف الملائكة ، بنا فتح الله و بنا يختم . و يزيد رجل شارب الخمور ، و قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، و مثلي لا يبايع مثله " .
و لتوضيح هذه الكلمة الشريفة نقول :
إنه لا ريب في أن قاتل النفس المحترمة لا يمكن أن يكون هو الأمين على دماء الناس ، فهل يؤمن على أعراضهم و أموالهم ؟ ! . ثم على مصيرهم و مستقبلهم ، و يصبح هو الحاكم المتصرف في ذلك كله ؟ ! .
و هو لا يملك ـ بسبب معاقرته للخمر ـ في أوقات كثيرة ، حتى التوازن العقلي ، الذي يحمي قراره من الضعف و الرعونة ، و من أن يكون قرارا مدمرا للأمة ، أو ملحقاً بها و بمستقبلها أضرارا فادحة على أقل تقدير .
هذا فضلا عن أن شارب الخمور ، لا يمكن أن يحفظ الأسرار الخطيرة التي منها ما يلامس مستقبل الأمة و حياتها ، حيث لا يجد الذي يتعاطى المسكرات أي وازع و رادع ، من عقل أو دين عن البوح بها لغير أهلها .
ثم إنه إذا كان معلناً بالفسق أيضاً ، و لا يخجل بفسقه و فجوره ، فإنه لا يعتبر المنكر منكراً ، ليتصدى لدفعه و إزالته من الواقع العام ، كما أن من يكون كذلك لا يتوقع منه أن يربي الأمة على مكارم الأخلاق .
و يغرس فيها خصال الخير و الصلاح و يقودها إلى مواقع العزة و الكرامة و السؤود .
و في الطرف المقابل نجد : أن الحسين عليه السلام هو من أهل بيت النبوة ، على حد هذا التعبير المنقول عنه عليه السلام .
و اختيار كلمة النبوة قد جاء ليشير إلى الوحي الإلهي ، الذي هو مصدر المعارف و العلوم الغيبية ، و لم يقل : " أهل بيت النبي " حتى لا يتوهم أن المراد الإشارة إلى الارتباط به كشخص ، لأجل نسب ، أو سبب عادي قد يناله أناس آخرون .
فإذا كان يزيد أو غير يزيد يدّعي أنه خليفة لرسول الله صلى الله عليه و آله ، و له صلاحياته ، فمن أين يمكنه أن يثبت لنفسه هذا المقام إلا من طريق الوحي و النبوة ؟ و أهل بيت النبوة عليهم السلام ينكرون عليه ذلك .
و الحسين عليه السلام هو المصدر و المرجع للناس كلهم ، و هو الذي لا بُدَّ أن يؤخذ منه التشريع و الأحكام الإلهية . . لأنه معدن الرسالة . . أي الأصل و المنشأ الذي تؤخذ منه سنن و أحكام الرسالة و مضامينها خالصة من الأغيار ، و صافية من الشوائب ، فلا يستطيع يزيد و لا غير يزيد أن يرد عليه ما يخبر به من أحكام الله سبحانه و تعالى و شرائعه ، لأنه أعرف الناس بما يوافق الشرع أو يخالفه .
و الحسين عليه السلام أيضا هو من نشأ في بيت الطهارة ، و القداسة ، و الإيمان ، البالغ أعلى الدرجات في ذلك ، حتى صار بيته مختلف الملائكة .
و لا يستطيع أحد أن يدّعي لنفسه أو لبيته هذا المستوى من الطهارة أبداً ، فهل يستطيع أن يدّعي ذلك يزيد الذي نشأ في بني كلب ، حيث لا دين ، و لا هدى ، بل مفاهيم الجاهلية و أحكامها ، هي المهيمنة ، و الطاغية . و الأهواء و الشهوات و المآثم هي السلوك العام ، و هي القائد و السائق في مختلف الحالات ، و في شتى المجالات ؟ ! .
بنا فتح الله و بنا ختم :
و يستمر الإمام الحسين في كلماته الهادية تلك فيؤكد على أن الله سبحانه قد فتح أبواب الهداية و الصلاح و الإصلاح للأمة بالحسين ، و بأهل بيت النبوة عليهم السلام . و سيختم بهم عليهم السلام على يد ولي الله الأعظم الحجة القائم المهدي صلوات الله و سلامه عليه ، فما معنى أن ينازع يزيد ، أو غير يزيد هؤلاء الصفوة الذين يمثلون خط الهداية الإلهية للبشرية ؟ ! .
و إذا كان يزيد و غيره ممن سبقه أو لحقه من غير أهل البيت يستطيع أن يدّعي للناس أنهم ليسوا أولى بالنبي صلى الله عليه و آله منه ، و لا أعرف بشرائعه ، و لا أليق بمقامه ، و لا أجمع للصفات و المزايا المطلوبة في من يفترض فيه أن يأخذ موقع الرسول ( صلى الله عليه و آله ) ، و يضطلع بمهماته ، فقد يجد من يصدقه في ذلك . و لكن هل يستطيع أن يدّعي هؤلاء ذلك في مقابل الحسين عليه السلام ، و لاسيما بملاحظة كل هذا الذي ذكرناه ، و بملاحظة : ما ذكرناه من دلالات صلح الإمام الحسن عليه السلام ؟ .
و حسبنا هذا الذي ذكرناه ، و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على عباده الذين اصطفى محمد و آله الطاهرين .





جعفر مرتضى العاملي

الجمعة، 28 نوفمبر 2014

إبتغاء الوسيلة


بسم الله الرحمن الرحيم
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾



والصلاة والسلام على المصطفى وآله المعصومين، بمناسبة ذكرى وفاة أم البنين  نتحدث عن أمرين:
أولهما: أهمية التوسل بأم البنين :
إن الله عز وجل هو المفيض للوجود بجميع ألوانه من الخلق والرزق والشفاء وقضاء الحاجات، إلا أنه شاءت حكمته أن يربط إفاضة الحياة والعطاء ببعض الوسائط، لا لقصور في الفاعل وهو الله تعالى فإن قدرته وعلمه تام الاقتضاء ولا يتوقف على شيء ولكن لقصور في القابل وهو مورد العطاء، والواسطة قد تكون مادية، كواسطة الريح لنزول المطر وواسطة الماء لحياة جميع الكائنات الحية قال تعالى ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾.
فإن الأثر المادي المحض يفتقر لسبب مادي فالقصور في نفس الأثر لا في فياضيته عز وجل، وقد تكون الواسطة برزخية بين عالم المادة وعالم المجردات، كواسطة الملائكة في تدبير الكون فانه قال تعالى ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾، وقال في آية اخرى ﴿فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ فمع أنه هو منبع الفيض والتدبير إلا أنه جعل الملائكة واسطة في التدبير لقصور في نفس الكون وحاجته الذاتية للملائكة، وقدتكون الواسطة روحية، وهي التوسل الذي أشارت له الآية ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ والوسيلة الروحية قد تكون عملاً كما قال عزوجل ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾، وقد تكون مكاناً كما قال تعالى ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾، وقد تكون شخصاً كما قال تعالى ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾.
فهو تعالى منبع الجود ومصدر الرزق والشفاء وهو أقرب للعبد من نفسه كما قال ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد﴾، ولكنه مع قربه أمرنا بالتوسل بما مضى ذكره من الوسائل لا لقصور في فاعليته وفياضيته بل لقصور في العبد، حيث أنه لا يمكنه الحصول على القرب منه تعالى إلا بواسطة في الفيض عملاً أو مكاناً أو شخصا، فقربه عين إحاطته بنا ولكن قربنا منه يفتقر للواسطة المقربة منه تعالى.
ومن تلك الوسائط الشريفة أم البنين الشهداء الأربعة زوجة أمير المؤمنين  فإنها بسبب فدائها لدينها ومبادئها بأعز شيء عندها وهم أفلاذ كبدها أصبحت وسيلة يتضرع بها إلى الله من أجل إفاضة النعم بكل ألوانها من الرزق والشفاء وقضاء الحاجات وقد دأب المراجع العظام على التوسل بها ومنهم سيدالطائفة الخوئي طاب ثراه الذي كان من سننه الحسنة التي ورثها عن شيخه المحقق الأصفهاني قدس سره إهداء صلاة الليل لروحها  ولذلك بركات عظيمة في الرزق والعافية وإزاحة الضيق واالكرب مهما كان ولقد تعلمنا من إخواننا في العراق أن من قرأ الفاتحة وأهدى ثوابها لروح أم البنين وهو مقبل على امتحان أو عملية جراحية أو عدو يخاف منه كفاه الله وحماه ببركتها وقدجربنا ذلك مراراً ووجدنا أثره الواضح.
وثانيهما: أن فاطمة الكلابية أم البنين  تعلمت من بيت الهدى أن منصب الإمامة والنبوة هو أعلى مقام وأن الولاية للمعصوم  هي أثمن شيء عند الله، كما في صحيح زرارة عن الصادق  «بني الاسلام على خمس، الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية وهي مفتاحهن والدليل عليهن، ومابني الدين على شيء كما بني على الولاية» ولذلك بذلت أفلاذ كبدها وحياتها في سبيل مبدأها وعقيدتها وهي فداء إمام زمانها سيد الشهداء شرعاً وواقعاً الحسين ، وكانت فخورة بذلك فرحة بأنها قدمت أبناءها الشبان الأربعة هدية للبتول الشهيدة فاطمة الزهراء .
ونحن إذ نحيي هذه الذكرى العطرة ونتوسل ببركة صاحبة الذكرى في تفريج همومنا وقضاء حاجاتنا فلنتعلم منها درساً تربوياً مهما، وهو الثبات على المبدأ، خصوصاً في هذه الأيام التي نتعرض فيها للحملات الإعلامية الظالمة التي تحاول أن تسيء إلى عقيدتنا أو علمائنا أو أعراضنا وكرامتنا لتزرع في قلوبنا الخوف والقلق من الثبات على الولاية التامة، أو تستغل شعار التقارب من دون حسن نية لتزحزح عقيدتنا الراسخة في أهل بيت العصمة  المبنية على الولاية والبراءة وإحياء شعائرهم، لكننا على بصيرة ووعي وحذر شديد أمام كل المحاولات فقد علمنا قادتنا من أهل البيت  ومراجعنا العظام الأدب الرفيع والقيم الاسلامية.
وأنه كما علينا احترام أبناء المذاهب الإسلامية وعدم الإساءة لكرامتهم وتطبيق المبدأ القرآني ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ من أجل الحفاظ على الدين والدفاع عن الشريعة ومحو أسباب التوتر الطائفي، فإنهم علمونا ايضاً ضرورة الثبات على المبدأ والولاية ببذلهم وعطائهم وفي طليعة ذلك العطاء ماقامت به أم البنين ، رزقنا الله شفاعتها وقربها في درجات العلى.
وَالحمدلله رب العالمين



السيد منير الخباز

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

أين أهل المواساة



اينكم يامن نذرتم صدركم لصدرٍ طحنته الخيول بحوافرها 
اينكم يامن تفدون اجسامكم   لجسمٍ بضع حتى اختلط الصدر بالاحشاء...وختلط اللحم بالعظم....بفعل حوافر الخيول...
اينكم يامن نذرتم اصواتكم وحناجركم لصراخ بكل لهفة على من كان يدخل الهواء الى صدره فيخرج اشد حرارة من شدة العطش....
احباب الحسين ياعابسيين..انفضوا عنكم الخجل وقوموا جميعا لنواسي بنت الرسول...انتم وعدها الذي وعدها الرسول...سيخلق الله له شيعة...لنقسوا على صدورنا واجسامنا باللطم والجزع  على من قست القلوب ولم تلن عليه...لنساعد فاطمة في جمع بقايا لحم قد ألتصق بحوافر خيول قد جددت لسحق الحسين...علي عن يميننا والحسن عن شمالنا ورسول الله امامنا وفاطمة تدعوا لنا...والمهدي معنا...لنذيب الروح في الحسين....ان كنا منذورين فإلى اي ليلة غير ليلة العاشر....لنقف مع حبيب على خيمة زينب حارسين...ولروعتها مسكنين......ليعبئ كل واحد منا الاخر...::""ولنتعاهد اخواني....ان لا نأثر شي على العزاء.."" فمن يقبل العهد ينادي لبيك ياحسين

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

الحسين عليه السلام وخدمة قضيته






في كل عام وفي هذه الذكرى الأليمة لهذا الإمام الهمام ( عليه السلام) يأبى القلم إلا أن يجددها ويعيش ذكرها لكي يساعد القلب في اعتصار الكلمة مع اعتصار الدمع والألم.
أردنا في هذه الفاجعة الأليمة أن نسجل لنا كلمة عن هذه الأيام الحسينية وفضلها وأثرها وعن الإمام الحسين ( عليه السلام ) وشخصيته وإن كان الإمام عليه السلام غنى عن ذلك إلا أنها من باب التبرك لنستضيء بها ونتزود بمعطياتها.
وعليه نقول أن لأيام عاشوراء الحسين ( عليه السلام) وثورته وتضحيته أثرها الذي لا ينطفئ على مر العصور والأيام والأزمنة وقد عرف وأعترف بذلك من والاه وأعتبره أمامه وقائد له بل حتى من لم يكن كذلك ، يقول ( ستالين)(1) : ( ما دامت كربلاء باقية فهي تصنع المزيد من الرجال وتخرّج المزيد منهم وتنشرهم في الآفاق )(2).
ويقول (الرئيس صالح بريشا )(3) : ( تصفحت كتب التأريخ الاسلامي فوجدت أن الحسين أحد رموز هذا التأريخ الحافل بالمآثر والتضحيات من أجل ردع الطغاة والمستبدين)(4).
ويبقى الحسين وثورته حديث لا ينتهي وشعر يتدفق لمن أراد أن يصف البطولة والفداء والشجاعة ، يقول السيد حيدر الحلي :-
أمرّ على الأرض من ظهرها .... إذا ململ الرعب أقرانها
تزيد الطلاقة في وجهه ..... إذا غيّر الخوف ألوانها (5).
وقد برزت شجاعة الإمام الحسين (عليه السلام) من خلال بطولته في يوم عاشوراء وشهادته فيه وبحسب ذلك كانت لأيام شهادة الإمام عليه السلام خصوصيتها ولا سيما عند أتباع أهل البيت ( عليهم السلام) ، ففي هذه الأيام من كل عام تعاد ذكرى الشهادة وفيها ينبغي الحزن وإظهار شعائره من قراءة التعزية ولبس السواد وعدم الفرح ، وعلى ذلك يوصي الأئمة الأطهار عليهم السلام ، يقول الإمام الصادق ( عليه السلام )( أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا)(6).
ففي إحياء أمرهم إحياء لكل القيم الحقة ، إحياء لرسالة المصطفى صلوات الله عليه ، وفي إحياء أمرهم إحياء لثورة الحسين عليه السلام ذلك العطاء الكبير والذي ينبع من خلال (المنبر الذي أصبح موسم لنقل ثقافة أهل البيت عليهم السلام للعالم )(7).
ولا أريد الحديث هنا عن المنبر وما يقدمه من رسالة وعطاء فهذا واضح بارز بل أقول أن شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام) ومنبره كلهما عطاء ولكل يستطيع أن يعطي في خدمتهما بحسب مكانه ومكانته ومجهوده في المجتمع ، فطالب العلم مثلا يعطي من خلال علمه وفكره ومبادئه التي استقاها من فكر الإمام الحسين سلام الله عليه ومن فكر جده عليه الصلاة والسلام وعليه أن يبين موقع الإمام الحسين في الأمة وكيف قتل مظلوما بعد أن طالب بالحق وإثباته وإنه الإمام الذي قاد الأمة نحو السعادة الأبدية بمقاومة الظلم ودك عروش الظالمين الذين أرادوا العلو والفساد في الأرض.
وطلبة العلم الذين يحملون تبليغ رسالة الإمام الحسين على عاتقهم يذكّرون دائما بأن الإمام عليه السلام لم يخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرج طلبا للإصلاح في أمة جده ( صلى الله عليه وآله وسلم) يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر وعليهم أن لا يفتؤوا في إيصال الفكرة والغاية التي نهض الامام الحسين من أجلها وحث جمهور المؤمنين على التمسك بها.
وعلى المثقف الواعي أن يجند طاقاته وقلمه وكلماته في نصرة سيد الشهداء عليه السلام بكل ما أوتي من قوة في فكره وحروفه وأسلوبه وأن لا يتوانى في تقديم ما يراه نافعا ويصب في خدمة الإمام عليه السلام وقضيته.
وعلى كل مثقفا سواء أكان مطلعا أم كاتب ( شاعرا أم ناثرا) أن يسعوا في إحياء شعائر المولى أبي عبدالله ( عليه السلام) في مثل هذه الأيام بالمشاركة كل بحسب ما يجيد من النظم والسرد والنثر.
ويجب أن لا تقتصر خدمة الإمام على هذين الصنفين من الناس بل تتعداها إلى كل من عرف الإمام الحسين وأحبه فخدمته عليه السلام لاتحد ولا تعد بأحد معين من البشر أو بطائفة بعينها ، فالكل يستطيع أن يخدم في مآتمه بالعزاء وتجهيزه بالنسبة لمواليه والخدمات الأخرى المتنوعة والمتعددة بالنسبة لغيرهم في كافة بلاد المعمورة.
فهنيئا لمن وفق للخدمة أبا الأحرار ليكون معه مع الذين أنعم الله عليهم وأدرجهم في عليين مع محمد وآله الطاهرين ليفوز فوزا عظيما. 


(1)- جوزيف ستالين : ( 18 ديسمبر 1878- 5 مارس 1953) يعتبر المؤسس الحقيقي للاتحاد السوفيتي عرف بقوته ، نقل الاتحاد السوفيتي من المجتمع الزراعي إلى الصناعي ( موسوعة ويكيبيديا الحرة على الانترنت).
(2)- زميزم ، سعيد رشيد – الإمام الحسين ( عليه السلام) شاغل الدنيا ، ص 77 – ط\1 ، 1431هـ - مؤسسة البلاغ ، بيروت \ لبنان.
(3)- صالح بريشا : رئيس ألباني ( 1944-........) تولى الرئاسة من 1992حتى 1997 خلفا لرامز عليا.( موسوعة ويكيبيديا الحرة على الانترنت).
(4)- الإمام الحسين ( عليه السلام) شاغل الدنيا ، ص 82.
(5)- حياة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام للعلامة الشيخ باقر شريف القرشي ( رحمه الله) ، ج1 ص 131 نقلا عن ديوان السيد حيدر الحلي ج1 ص 110.
(6)- العاملي ، الإمام محمد بن الحسن الحر – وسائل الشيعة ج 8 ص410 – ط\ 6 ، 1412هـ ، 1991م- دار إحياء التراث العربي – بيروت\ لبنان.
(7)- الصفار، الشيخ حسن موسى – الإمام الحسين الشخصية والقضية ، ص 63( بتصرف) – ط\ 3 ، 1427هـ ، 2006م – مكتب سماحة الشيخ حسن موسى الصفار – السعودية ، المنطقة الشرقية ، القطيف .


بقلم الأستاذ : محمد المبارك

فلسفة موسم عاشوراء



لماذا الموسم :



الموسم العاشوري في شهر المحرم موسم يدخل على القلوب الأحزان ويثير فيها الأشجان وهو موسم كرسته سيرة أهل البيت عليهم السلام منذ أن قتل الحسين في الطف الكئيب وقد اتخذته الأئمة موسماً لدكار الأحزان إماماً بعد أمام و كابراً عن كابر..فهو يأتينا في كل عام مرة و يدور معنا بدوران السنين و الحقيقة إنّ الموسمية عادة بشرية يتخذونها في الأفراح و الأتراح ، بل الكثير من المناسبات البشرية أعطيت طابعا موسميا فجاء الإسلام بسُنة الموسمية ليقدم (عن طريقها) طرحا إيمانيا ..
ولابد لهذه الكلمة من توضيح :
عندما كان من عادة البشرية ـ البعيدة عن الجو الإيماني ـ اللهو حتى أصبح خطرا عظيما يهدد رقيها وتكاملها لم يتنازل الدين عن هذا العنوان عنوان اللهو و أراد أن يطرح الإيمان من خلاله لا من مسرح عام ، وكما نعرف فان الأعلام لا ينجح في الزاوية المغمورة بل من الأفضل أن يكون في الساحات العامة فجاء الإسلام و طرح إعلاما في ساحة اللهو وقال كمثال : { لهو المؤمن في ثلاث } .و معنى آخر لهذا التحرك وهو أن يمنح للمسلم مهدئاً لنفسه التي قد تنزع إلى ما تشاهد فيهدئها بهذه المسميات..
ولكن المعنى الأساس هو أن من يتخذ منهجا خاصا وثقافة خاصة لا يلتفت إلا إلى ما يحاكي منهجه فالإسلام بهذه المضامين يخاطب المتولعين باللهو و المتمرسين بذلك   وهو نوع اختراق وغزو ديني في واقع القضية و هناك أمثلة كثيرة مما يشابه هذا المثال من قبيل الاصطلاح ـ في بعض الروايات ـ عن المتعة بأنها بدل الخمر و الشراب فهذا كما يكون تعويضا و تهدئةً لنفس المؤمن مما حرم و منع كذلك أسلوب جذاب في الدعوة أو إذا سمح التعبير فهو أسلوب دعوي مغناطيسي يصلح لأصحاب الشره..و أتباع الميول النفسية ..
و الخلاصة المستخلصة هنا :
أن بعض العناوين و الممارسات تحولت إلى إعلام و واجهة إعلامية لخط معين و إن كان منحرفا .. فمثلا الممارسات الجنسية المنظمة هي في حد وجودها (إعلام) ؟!و اللهو المنظم و المتناقل أيضاً هو (إعلام).القوة العسكرية و المزايدات في إنتاج و اقتناء السلاح (إعلام) اتخاذ مواسم لأعياد ماجنة مثل ما يسمى بعيد الحب العالمي .. أو دوريات رياضية عامة هذا (إعلام) أيضا . و إن السماء ومن بعدها العقول المفكرة والمدبرة للإسلام لم تقبل أن يبقى الإسلام فارغا من الجهة الإعلامية،بل حولت الطقوس الدينية إلى جانب إعلامي واسع ففي بعضها جاءت الطريقة الإعلامية مبتكرة لم تعهدها الديانات والسياسات رغم عدم تنازلها عما هو إعلامي يسرع إلى العقول باسمها ومضامينها بينما جاءت في بعضها الآخر على غرار ما هو المعروف على وجه الأرض و الواقع ولكلٍ مضامينه الخاصة من قبيل ما ذكرنا لك قبل قليل من المضامين التي تنتهي بنتيجة الغزو و الاختراق الديني ...
وبعبارة تختلف فكما أن للجهل و الجاهلية الرعناء إعلام في ممارساتها المنظمة وغير المنظمة وفي مواسمها ذات اللهو و المجون و اللا مسؤولية حدا لا يصبح الذكر إلا للجاهل و الجهلاء فكذلك الدين يتدارك نفسه و أهله حينما يخطط لنا المواسم بل بها يحقق المعارضة النوعية لما على الأرض مما يستنكره بروح تعاليمه... ويكفيه كخطوة أولى أن تذكر مواسمه و تنظيماته واحتفالاته و أعياده وجماهيره إلى جانب مواسم وتنظيمات و طقوس الآخر !!
الموسم (الإعلام) ثقل :
و نقطة أخرى و لا تكون أخيرة بالطبع ، وهي أن المواسم و التنظيمات مادام أنها أخذت الطابع الإعلامي فهي تحقق ثقلا للمنهج الذي تتبعه فكلما انصرفت تلك المواسم وعادت بحضور مهيب دلت على روح نابضة و أعضاء متماسكة ..ومن ابرز أمثلة المواسم الدينية عندنا التي تتوقف على الحضور الحاشد هي الحج إلى بيت الله تعالى فهو يعرب في كل عام عن وحدة وتماسك المسلمين بل هو الوجهة الإعلامية للوحدة و الروح الواحدة . و لذا نحن نُحارَب وتحاك خلفنا المؤامرات لأن هذا النوع من الإعلام يشكل لنا عيارا خاصا وثقلا مشهودا و لو كان الناس يحجون متفرقين لما شعر شاعر بثقلنا .
أتصور بهذا العرض أن فكرة موسم عاشوراء قد قربت من الأذهان فأنت أيها الشيعي بالاحتفاء بهذه المواسم المباركة تكون قد حققت للمبدأ الذي تتبناه ثقلا ووجهت إعلاما خاصا للقضية التي تحملها و لا تنسى انه القوة بكل معناها و الدليل على هذا التفسير أن قضية الحسين و مواسم الحسين عليه السلام حوربت قديما و حديثا ، و الحس الفطري يقول لا يحارب الضعيف و لكن للقوي أو عليه ؟!
وحصيلة هذا العرض أن فكرة تنظيم الممارسة أو إعدادها إعدادا موسميا له معطياته في مجالي:
1-       الإعلام .
2-       الغزو و الاختراق بشكل آلي و مغناطيسي ..
3-       المعارضة و المحاكات للأسلوب الفاسد بالأسلوب الصحيح .
4-       التهدئة النفسية لئلا تنصرف النفوس إلى ما يتمتع به الإنسان غير المتقيد .
فلسفتها في الدائرة الحسينية :
و إن ذات الموسم الحسيني له مؤثراته و نتائجه الخاصة التي يمكن أن تزاد على كافة المعطيات المتقدمة ـ ونحن نتكلم بعامةٍ على المواسم الدينية ـ بل هي تعد ثانوية بالقياس إلى ما حققه الموسم الحسيني على صعيد القضية الشخصي ، ونحن (بإذن الله تعالى) نقوم بدرجها هنا على شكل نقاط :
أ) حفظ القضية عن النسيان :إن عامل النسيان يشكل تهديدا لكثير من الوقائع و المجريات بل كلها (إلا ما رحم ربي بأقلام المؤرخين) .. كما أن النسيان هو موت الأفكار الذي تفر منه،وموت لكثير من القصص التي تمثل منهاجا صادقا يدعو للتمسك بها..ولذا فان القرآن ـ ككتاب خالد ـ خلد ذكر بعض الأنبياء بل العديد منهم و قال للنبي صلى الله عليه و آله و سلم : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } (3) سورة يوسف .
لأن فيها ما يمثل منهاجاً في الصبر و التحمل ..
ومنها ما يمثل  المقاومة و الصلابة في جنب الله تعالى بل وتوحيده كقصة إبراهيم الخليل عليه السلام .
و منها ما يمثل العزة و الكرامة كقصة موسى و قومه ...
و بما أنَّ الحسين عليه السلام إمام،مختار،ووريث،حاوي لجميع الرسل و الأنبياء : (( السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله ، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله ، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله ، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله ، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله ... ))[2].
فرسمت ثورته و ترك قيامه للبشرية الكثير من مناهج و أسس الإصلاح و التضحية ، و الصبر على الأذى في جنب الله سبحانه،و العزة البالغة،و الوفاء الصادق مضافاً على القيمة الشخصية لأعلام ثورته كل شهيد شهيد و كل فردٍ فردٍ و هل التاريخ إلا رجال المواقف و مواقف الرجال ؟
وهنا نعود بالقول:
لو أهملت تلك النهضة و لم تعظم لذهبت أدراج النسيان و طي الرياح و هي الثورة التي لا يصح أن تحفظ بالكتابة التاريخية فحسب لأن الكتابة درجة ضعيفة من الاحتفاظ .. و لكن لابد من أن تبقى محتلة و مستولية على كل رأس و فؤاد يريد الحياة للعمل و العمل للحياة . و من هنا حثت الأئمة على الاحتفال بموسمه الخالد المخلد :
كذب الموت فالحسين مخلد             كلما أخلق الزمان تجدد
و هنا يروى أن الشيخ الأميني صاحب موسوعة الغدير الشريفة كان واقفاً ينظر إلى موكب عزائي و إلى صفه أحد العلماء من إخواننا السنة فقال للأميني لماذا تفعلون هكذا فهل الحسين يطلب منكم ذلك ؟ فقال : نحن نمارس هذه الطقوس بشكل راتب حتى لا تنسون يوم أبي عبد الله عليه السلام كما نسيتم يوم الغدير ؟!!
ب) العاشريون قرآنيون :
إن تجديد الذكرى أو تخليدها الذي يتم بأساليب منها الجزع و الادثار بدثار الحزن له محتويات لا توجد إلا في صفحات القرآن الكريم فانه على شباهة بالواقع العاشوري الذي يتخذ القران الكريم مرجعاً له فيما يهدف إليه . فالقرآن الشريف احتوى على قضايا وهو الكتاب الذي يقرأ و يتلى في آناء الليل و النهار فتكراره يعني تكرار تلك المحتويات و استعادته يعني استعادة تلك الأهداف و الطقس العاشوري أيضاً يتكرر و يكرر معه محتوياته جملةً و تفصيلاً .. و لنلاحظ ماذا يتكرر بالمداومة على القرآن العزيز و ملاحظة الشباهة ـ من ثمة ـ على القضية العاشورية التي قوامها ممارسة المؤمنين ...
* ذكر الصالحين و مواقفهم :
و الهدف هنا هو الاستفادة الأخلاقية و المعنوية و الشرعية بتذكرهم و تأمل مواقفهم النبيلة و لذا مع تكرار القراءة للقرآن الكريم تتكرر مع الإنسان قصة يوسف عليه السلام و عظمة صبره على الطاعة و قوته القاهرة للنفس الأمارة .
و أيضاً المرأة المسلمة حينما تعاود قراءة القران الكريم و تجدد العهد به تلو العهد : لا شك يلفت منها الالتفات إلى مواضع خاصة و منها ابنتي شعيب عليه السلام و كيف أن القران يصف إحداهن بأهم أوصاف الأنوثة و أجملها و هو الحياء فيقول تعالى : { فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء }[3].و هذا الهدف مرجو أيضاً لمن يتابع القضية الحسينية فأنت تجد أمثلة للرجال ـ من أنصار الحسين ـ الذين ابتعدوا عن الدنيا و غرورها وطلقوا الحلائل أو خيروهن أمثال حبيب و زهير و غيرهما .. كما تجد المرأة المسلمة الباحثة عن الأخلاق الفاضلة أمثلة عظيمة للمرأة المحافظة على حيائها و سترها و التي لم تكن لتبدي جسمها أو صوتها إلا في حين الضرورة القاهرة،والدور الذي تتطلبه رسالتها الإسلامية. بلى ستقرأ كل هذا في مواقف بنات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في كربلاء،والكوفة،والشام،والمدينة بعد عودتهن. 
* التنكيل بالتشهير :
إن أسلوب التشهير بالمعادي أو المعتدي أسلوب متخذ في الفقه الإسلامي فنلاحظ أنّ حدث السن غير المحصن إذا تورط في الزنا نستجير بالله يجلد ، و يحز شعره و يغرب عن مصره و يخطر ببالي أن السر في هذه المعاملة هو التشهير و التشهير  عملية بقدر ما هي عنيفة بقدر ما هي رادعة عن التورط في مثل ذلك بالنسبة له وبالنسبة لمن يشاهده ويسمع بخبره..
فإذاً هذا أسلوب وهدف عملي و قد جاء هذا الأسلوب بنفس الهدف في القران الكريم . فذكر أمثال نمرود ، فرعون ، و غيرهما من الطواغيت على مستوى الأفراد و الأقوام في هذا الكتاب الخالد و الحي بمداومة الخلائق على قراءته إنما لأجل التشهير بهم و بأفعالهم البالغة حد الشناعة و البشاعة . و إنَّ هذا المبدأ ذاته يقف مبرراً وراء المداومة على ذكر القضية الحسينية و الموسم العاشوري فيشهر فيه بالطغمة الأموية الفاسدة و المنهجية اليزيدية المارقة و يشنع عليهم و يكشف عن قبح ما فعلوا و ما صنعوا مع الأبرياء ، و النبلاء و أهل الكرامة من آل الرسول صلى الله عليهم أجمعين و صحابتهم البررة .. فكما أن من استوفاهم القرآن و جاء بذكرهم لأجل انهم محاربون لله و رسوله و أوليائه فهكذا يزيد و اليزيديون محاربون لله لحربهم وليه المطيع لله و لرسوله صلى الله عليه و آله .
  * الجزاء الحسن :
و إنّ من العرفان بقيمة الإنسان و احترام معنوياته هو مجازاته بالذكر الحسن و العطر على الشفاه و انه فن من الشكر الجميل لأصحاب المواقف الإنسانية الصادقة .. و القران الكريم قد عظم شخصيات و ذكرهم من باب الجزاء الحسن لهم لما تحلت به شخصياتهم من التجرد،و المظاهر الإلهية رجالاً كلقمان الحكيم و نساءً كمريم بنت عمران . طبيعي أن يجازي المحبون قائدهم و يعظمونه بالذكر سيما و أن النبي صلى الله عليه و آله و كافة الأئمة الطاهرين من بعده قد جازوه بذلك وسنتطرق إلى الروايات و الحكايات المدللة على اهتمامهم بهذا المواسم إن شاء الله تعالى .
* عاشوراء غذاء روحي :
إن الإنسان خلقت استقامته في مكامن بعيدة عن خلقته وذاته فلا يستطيع أن يوفر استقامة جسده أو روحه من تلقاء ذاته .. فجسده هذا لابد له من ممدات يستمد منها استقامته و اعتداله إذا تغذى عليها بالشكل المطلوب طعاماً .. رفاهيةً .. جنساً ..و الشيء الذي سيحصل لو انقطع الغذاء هو ردت فعل صحية و مزاجية بلا أي ريب في ذلك . و كذا عقله فسوف يغرق في الجهل و الظلام كردة فعل مؤكدة لو لم يحضر له الغذاء الكافي من العلم و التفقه الذي قد سمي في الروايات بالخير ففي الحديث الشريف (( إن الله إذا أراد بعبد خيراً يفقهه في الدين )) . فالخير الذي ينعم معه العقل أو (جهاز النظر) هو التنور و العلم و الفقه .. و أما مكامن استقامة الروح فهي عناوين جليلة و كثيرة من قبيل العاطفة،و الحلم،و الإحسان،و...و...جميع الملكات النفسية ، و مكامن هذه الملكات النفسية عبارة عن  :
1-      التربية الصالحة و الحميدة  .
2-      الدراسة الأخلاقية و التلقي للمناهج القرآنية و الإسلامية الفاضلة .
3-      الرياضة العملية ...
و العنصران الأولان لهما مجالهما في الحديث..و أما الرياضة العملية فان من أمثلتها الجليلة العاطفة فان استقامتها و توازنها لدى الإنسان لا تتأتى إلا بالممارسة الشديدة و المكثفة و السر في تكثيف هذه الرياضة أننا لا نكاد نجد إنساناً لا يمارس القسوة بل لولا القسوة لما وجد مظهراً للظلم في حياة البشرية على امتداد تاريخها .. و لذا فالإسلام كثف ونوع في مناهجه التي ترزق القلوب العاطفة و ترهف في النفوس هذا الحس الغريزي ، و لكي لا نغرق في هذه الجهة أو نبتعد عن ارتباط العاطفة بعاشور الحسين عليه السلام نلمح إلى أمثلة المكامن و التدريبات الشرعية لتقوية هذا الحس الفعال دون الولوج في تفاصيلها :
1- الإنجاب (الأبوة،و الأمومة) لان ذلك يوجب تدفق عاطفي يومي من الإنسان فيفعل هذا الحس في جوانبه ولذا ـ كأحد الأسباب التي نعلمها أو لا نعلمها ـ حبذا الإسلام اجتناب الزواج من العاقر ... بل أُجيز العزل و منع الحمل ممن لا تقبل التصدي لإرضاع ابنها و تكفل رعايته و تنشأته : لان الاستعداد العاطفي مطفأ هنا . و لذا في وسعنا القول إن أحد ابرز سلبيات ترك النسل و التساهل فيه هو انعدام أو انخفاض الحس العاطفي الذي هو من أساسيات أنظمة الحياة العامة و الخاصة . 2- تصدر التربية و مباشرة الأبناء لأنك إذا وقفت على الكثير من مشاكلهم و متطلباتهم جاءت منك الاستجابة الكثيرة أيضاً و بهذا الشكل سنشحذ في داخلك العاطفة بخلاف أن تترك أمر التربية و نوكلها للنيابة العامة (الخدامات) كما يصنع الكثير من الناس هذه الأوقات ..
3- العبادة بما فيها من خشوع و خضوع وهما معنيان للرقة التي هي الارتباط العاطفي فهما يعملان على إرهاف هذا الحس لدى الإنسان و إن في الحديث الشريف (( ما من قطرة احب إلى الله عز وجل من قطرتين : قطرة دم في سبيل الله و قطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها إلا الله عز وجل ))[4]. و إن تخصيص سواد الليل من بين سائر الأوقات لمغزى مهم و هو : أن هذا الوقت خال من أشغال الدنيا فلا ينصرف فكر الإنسان هنا و هناك و أن هذا الوقت بحكم ابتعاد الإنسان عن الأعين و الناظرين فان داعي المراءات و الرياء غير موجود .. و أيضاً فان من يتعود على تحمل مشقة ترك النوم و النهوض إلى مقام الطاعة تصبح عنده قدرة الانصراف عن المعاصي كبيرة فكلما تعرضت طريقه استطاع أن ينصرف عنها جانبا..
4- الاستماع للخطب و المواعظ فإنها من العوامل المحفزة للعاطفة لدى الإنسان و يُروى أن صحابةً جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و قالوا :"" اننا نستمع إلى خطبك و مواعظك و جلنا و نسينا الدنيا و زهدنا حتى كأنا نعاين الآخرة و الجنة و النار و نحن عندك ، فإذا خرجنا من عندك و دخلنا هذه البيوت و شممنا الأولاد و رأينا العيال و الأهل نكاد أن نّحوَل عن الحالة التي كنا عليها عندك حتى كأنا لم نكن على شيء افتخاف علينا النفاق ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و آله كلا !إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا و الله لو تدومون على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة و مشيتم على الماء .. و لو لا انكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا ثم يستغفرون الله فيغفر لهم إن المؤمن مفتتن تواب""[5] ..
و نفس هذه الحالة تتكرر في وقت الإمام الباقر الصادق عليه السلام فنرى أن حمران بن أعين يقول له : (( أخبرك أطال الله بقاك ..... انا نأتيك فما نخرج من عندك حتى ترق قلوبنا و تسلوا أنفسنا عن الدنيا ويهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال ، ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس و التجار أحببنا الدنيا،قال فقال أبو جعفر عليه السلام  إنما هي القلوب مرة تصعب ومرة تسهل ))[6]. و هكذا يضاعف الدين الكشف عن طرق تهذيب العاطفة و توجيهها إلى أن تتحول كملكة متمكنة من النفس .. و من بين الأمثلة و الطرق التي يتغذ عليها الحس العاطفي.
5- المجالس الحسينية فكل ما ذكرنا كان يؤثر بالرقة ففي رقم (1) عاطفة الانتماء و اللحمة و في رقم (2) عاطفة تربوية و تعليمية فان المتبني و المعلم أيضاً تربطه بالتلميذ أو الغلام أو الأخ ... و كل منتمي عاطفة خاصة .. و في رقم (3) رقة و عاطفة استشعار النعم والعرفان للجميل ورقة العبودية .. و في رقم (4) تجد رقة الذكرى النافعة و التذكير المفيد و لذا قال تعالى { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }[7].
و أما المجالس الحسينية فهي رقة و عاطفة جامعة وذات رقم صعب ومستقل هذه المرة إذ تجمع كل أصناف العاطفة و تزيد عليها فلاحظ : أن من يتفاعل مع قضية عاشوراء فهو يبرز انتمائه إليها و إلى بطلها الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام و كذلك هو يتبناها بشكل معنوي كسيرة استطاعت أن تثير النفوس ، و العقول و تسيطر على التاريخ و كتّابه فلا يستطيعون الازورار عنها قيد شعرة .. فأصبح الحسين معلم الأجيال و معلمهم و مؤدبهم بعد رسول الله و أبيه بالخصوص .. و إن ما اصطلحنا عليه برقة وعاطفة التبني لسنا نعني بها جانب الأستاذ فقط بل حتى المتعلم و هنا المعلم الحسين و نحن المتعلمون .. و أيضاً توجد العاطفة في مرحلتها الثالثة حيث إن الحسين انعم على الناس (من حيث اصطفاه الله لذلك) بنعمة الهداية و لذا ينظر إليه نظرة شكر و عرفان ، كما إننا نجد أيضاً العاطفة بيننا و بينه في مرحلتها الرابعة لان هذه الواقعة مليئة بالعبر و الذكرى و إن من أجزل الأبيات و أكثرها تعبيرا عن مجموعة العبر التي انطوت عليها شخصية الحسين في موقفه يوم العاشر هي أبيات هادي القصاب الشعبية:
لمسنا بشخصيتك أوصاف
فلا انوجدت ابشخصية

لمسنا بيك أبو الأحرار

عرفنا الموت حرية

لمسنا بذلت دم وحيه

عرفنا الدنيا وقتيه

لمسنا على الكرامة اقضيت

عرفنا نريدها هيه

لمسنا بيك أبي و متلين

عرفنا احنا فدائية
[8]
و إن العاطفة التي يتحصل عليها المؤمن المتقيد بولاية أهل البيت عبر الالتزام بمجالس الحسين عليه السلام (و هي غير موجودة ضمن ما ذكرنا في المجالات العامة للعاطفة يعني تزيد عليها) هي عاطفة التألم و الاستيحاش من الظلم و أساليب القهر و القمع المريع .. فلا أظن أن اسم (إنسان) يستحقه من لا يتألم و لا يفزع مما يقوم به الظلمة الجائرين،بل هذا قد أنسلخ عن إنسانيته وإن الذكرى العاشورية أعادت للأجيال المسلمة الشيعية إنسانيتها إزاء كل ما هو ظلم وحرمان. 

* عاشوراء في الميزان الحضاري :
إن كل قضية و مشكلة إذا أراد لها المسؤولون و القياديون تفاعلاً جماعياً يعقدون لها ـ بعنوانها الخاص ـ مؤتمرات إقليمية أو دولية قد يضيق نطاقها و قد يتسع .. فمرة تبذل تكاليف باهضة لمناقشة فكرة المرأة بمفردها و يقدم فيها عدد محدود من ذوي الأقلام و الكلام،مثل ما جرى في مؤتمر الصين .. و قرطبة وغيرهما .. و مرة تبذل تكاليف مبهرة لمن يسمع بها لإجراء مؤتمر دولي حول مسألة حقوق الإنسان.. و هكذا ...و لكن تلاحظ ان هذه المآتم تعقد طوال العام وبتجمهر كبير تشارك فيه جميع الطبقات .. يعني العدد غير محدود كما في تلك المؤتمرات ـ السمة الحضارية المحدثة ـ و يتحدث فيه علماء و خطباء لهم أتعابهم و ثقافتهم وفقههم و يتحدثون عن كل موضع إنساني حتى تلك العناوين التي تعقد المؤتمرات لأجلها.. فمن نقطة السيدة زينب ينطلق الكلام عن المرأة.. و من نقطة استبداد آل أمية ينطلق الحديث عن حقوق الإنسان.. و من نقطة إمامة الحسين ينطلق البحث حول السيادة و القيادة الراشدة و أهميتها في المجتمع ككل !! و هكذا إلى العديد من المنطلقات كالإصلاح..الأمر بالمعروف..محاربة الإذلال.
الشيخ عبدالجليل البن سعد

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

كيف نستعد لشهر الحزن محرم الحرام


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على حبيب قلوبنا أبي القاسم محمد و على آله الطيبين الطاهرين 
عظم الله لكم و لنا الأجر بحلول شهر العزاء ومصاب الإمام الحسين 

قال سيد الشهداء الإمام أبوعبدالله الحسين أرواح العالمين له الفداء:((  أنا قتيل العبرة ، قتلت مكروبا ، وحقيق علي أن لا يأتيني مكروب قط إلا رده الله وأقلبه إلى أهله مسرورا .))



هذه خطوات عملية أو نقاط جميلة جداً كتبها عدة أشخاص بارك الله فيهم و أعجبتتني فقمت بانتقاء الأفضل منها ، تلخيصها ووضعها بين يديكم ، مع التصريف القليل: -
-إشعار القلب و الروح بعظمة الحدث و قسوة الفاجعة ، و إطلاق العنان للتفكير في بشاعة الجريمة التي ارتكبها أعداء أهل البيت لعنهم الله.
- استحضار سبب ثورة الإمام الحسين وهو لإقامة أركان الدين ونصرة المنهج الإسلامي 
الحق والتمسك برسالة النبي محمد صلى الله علية وآله وسلم.

- نعاهد الحسين -سلام الله عليه- بالإقلاع عن المعاصي.. فهذه من 
العوائق التي سوف تمنعك من جريان العبرة على الحسين سلام الله عليه.. 

- يحاول المؤمن أن يقرأ ختمة من القرآن الكريم في شهر محرم وصفر، ويهديها إلى 
الإمام الحسين .

- المواظبة على قراءة زيارة عاشوراء كل يوم من شهري محرم وصفر.
- المواظبة على الذهاب إلى المجالس الحسينية قدر المستطاع، وإن لم يقدر، فيستمع إلى 
. أشراطة المحاضرات

- وضع برنامج أخلاقي وعبادي، مغاير لما أنت عليه. 
- من لا يعرف الحسين -- ولو معرفة جزئية، لا يتمكن من 
البكاء عليه.. لذلك ينبغي في هذه الأيام أن نقرأ في سيرة الحسين العطرة، ونرتبط معه 
روحيا.

- قلة الطعام والضحك، والتزام الآداب العامة للأيام العشرة له دور فعال.
- صلاة الليل!.. صلاة الليل!.. صلاة الليل!
- أن لا ننسى و يجب استحضاره دائماً و هو أن الإمام الحسين – سلام الله عليه – قد ضحى من أجلنا ، فلا تقصروا في مواساة أمه الزهراء –  – في ابنها بحضور المجالس الحسينية الولائية و الخدمة فيها.
- مدرسة كربلاء ما هي إلا مغتسل، أنوي لدخول إلى هذا المغتسل، وأنقي أرضيتي، وروحي في المغتسل.
- ترتيب وقتنا بشكل جيد .. بحيث: وقت للنعي ، ووقت للطم ، ووقت لاستماع الدروس.
- شهر محرم من المحطات التي يمكننا أن نرفع فيها رصيد حسناتنا ، وأيضاً نرفع فيه من مستوى ثقافتنا و إيماننا الحقيقي الذي نفتقده بشكل كبير في زماننا اليوم..
- شهر محرم محطة أخرى من محطات مريدي السير والسلوك إلى حبيب قلوب الصادقين.
- تذكر..! عظمة المبدأ الذي قدم الإمام الحسين من أجله حياته
- تذكر..! عظمة ما قدمه الإمام الحسين قربانا بين يدي خالقه!..
- تذكر..! بأن قربان رب عظيم لا يجب إلا أن يكون عظيماً.
- التوجه نحو المجلس الحسيني بقلب صافٍ.